المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

368

للكلام ظهور ثانويّ في استهداف توضيح إمضاء الطريقة العقلائيّة في بيان الأسباب وتحديدها، فكأنّما قال: اُرجِعكم في هذا السبب الصحيح عندي إلى الأنظار العقلائيّة.

ويرد عليه: أنّه يكفي لرفع محذور اللغويّة وجود قدر متيقّن(1) يؤخذ بالدليل فيه، فإنّنا نعلم من الخارج أنّ الشارع إن كان قد صحّح البيع في الجملة، فقد صحّح حتماً البيع الناشئ من البالغ الرشيد الطيّب النفس (أي: غير المكره) باللفظ العربيّ المشتمل على الإيجاب والقبول مع حفظ الموالاة مثلاً، فقوله: (أحلّ الله البيع) على إجماله يفيد تصحيح هذا المقدار من دون لزوم اللغويّة.

الوجه الثاني: ما يسمّى بالإطلاق المقاميّ، وذلك بأن يقال: إنّ ظاهر حال المولى هو كونه بصدد بيان ما هو الصحيح عنده؛ فإنّه لا يشرّع الحكم لكي يبقى مخزوناً عنده، بل يشرّعه لكي يصل إلى العباد، ومع ذلك نرى خارجاً أنّه لم يتعرّض لحدود وشرائط ما عنده، فينعقد لسكوته ظهور في الحوالة على العقلاء. وهذا ـ كما ترى ـ قائم على أساس ظهور الحال، لا على أساس اللغويّة.

وهذا الوجه أيضاً غير تامّ؛ فإنّه إنّما يتمّ لو قلنا بظهور حال مولويّة المولى


(1) وهل الذي يبطل هذه الدلالة عبارة عن وجود القدر المتيقّن في مقام التخاطب ولو بقرينة ارتكازيّة كالمتّصل، أو عبارة عن وجود القدر المتيقّن ولو في الخارج ومنفصلا عن الخطاب؟

الواقع هو: أنّه إن قصد بهذه الدلالة الدلالة العقليّة البحت باعتبار استحالة صدور اللغو عن الشارع الحكيم، فوجود القدر المتيقّن ـ ولو في الخارج ومنفصلا عن الخطاب ـ يبطل هذه الدلالة. وإن قصد بها ظهور لفظيّ باعتبار أنّ ما يبدو من ظاهر الخطاب من اللغويّة لولا الإطلاق يعطيه ظهوراً في الإطلاق، فالذي يبطل هذه الدلالة إنّما هو وجود القدر المتيقّن في مقام التخاطب ولو بلحاظ ارتكازات عقلائيّة كالمتّصل.