المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

372

لا المسبّبات(1)، فيقع الكلام الآن في أنّها: هل هي أسماء للأسباب أو للمسبّبات؟

ولتوضيح ذلك نتكلّم أوّلاً: في أنّه ماذا نريد بالسبب وبالمسبّب، وقد اُقتنص ذلك من البحوث السابقة، لكن نكرّره ونوضّحه هنا فنقول:

أمّا السبب فمُتكوّن من ثلاثة عناصر بمجموعها تسمّى سبباً:

1 ـ هو الإنشاء، أي: اللفظ الذي تنشأ به المعاملة، أو ما يقوم مقام اللفظ كالفعل في المعاطاة.

2 ـ المدلول التصديقيّ للإنشاء القائم في نفس المُنشئ، أعني: اعتبار مضمون المعاملة، كاعتبار البايع مثلاً ملكيّة هذا المال بإزاء الثمن.

3 ـ قصد التسبّب بهذا الاعتبار إلى المسبّب. وتوضيح ذلك: أنّ هذا الاعتبار لابدّ أن يكون له غرض، وهذا الغرض: إمّا هو التوصّل إلى السيطرة التكوينيّة الخارجيّة، وهذا الاحتمال ساقط؛ لوضوح عدم تأثير الاعتبار في السيطرة الخارجيّة، وإنّما تتمّ هذه السيطرة عن طريق التعاطي الخارجيّ، سواء اعتبر أو لم يعتبر، ومع عدم التعاطي لا تحصل السيطرة، سواء اعتبر أو لم يعتبر. وإمّا هو التسبّب والتوصّل إلى إلزامات فوقيّة ضماناً لسلامة النتيجة حتّى لو عدل أحدهما عمّا أوجده من المعاملة، وهذا الإلزام الفوقيّ هو الذي نسمّيه بالمسبّب، وهو عبارة عن جعل من قبل جاعل و مقنّن، سواء كان هو الشارع العقلائيّ أو الشارع الإلهيّ أو نفس البايع والمشتري بحيثيّة عقلائيّتهما، لا بحيثيّة متعاقديّتهما. ولو لم يحصل قصد التسبّب وبقي الاعتبار بدون هذا القصد لكان اعتباراً هزليّاً في نظر العقلاء، فلو قال: «بعت هذه الدار بفلس» وكان مقصوده الهزل، فالاعتبار سهل


(1) قد عرفت تعليقنا على ذلك.