المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

373

المؤونة، ويحصل بسهولة، ولكن لا يرتّبون عليه الأثر؛ لفقدان العنصر الثالث. فجدّيّة المعاملة ليست بالاعتبار فحسب، بل بأن يكون الاعتبار جدّيّاً. فالسبب بحسب ما تقتضيه الاعتبارات العقلائيّة عبارة عن مجموع هذه الاُمور الثلاثة.

وأمّا المسبّب فهو ذاك المتسبّب إليه من الإلزامات الفوقيّة، أي: الجعل القانونيّ الذي تسبّبا إليه.

فإذا اتّضح السبب والمسبّب يقع الكلام في أنّها: هل هي أسماء للأسباب أو المسبّبات؟ وعلى ضوء ما بيّنّاه يتبيّن أنّه لا تقابل بين السبب والمسبّب، فهما فردان من مفهوم واحد، فكلاهما تمليك، إلاّ أنّ أحدهما في اُفق نفس المتعاملين وهو السبب، والآخر في اُفق نفس القانون والمقنّن وهو المسبّب. وبكلمة اُخرى: أنّ أحدهما وجود مباشريّ للمتعاقدين وهو السبب، والآخر وجود تسبيبيّ لهما وهو المسبّب، فبالإمكان أن يقال: إنّ البيع مثلاً اسم لمطلق مفهوم تمليك العين بعوض بغضّ النظر عن خصوصيّة أحد الفردين؛ ولذا نرى بالوجدان عدم المؤونة في إطلاقه تارة على هذا الفرد واُخرى على ذاك الفرد، بل يمكن أن يترقّى أزيد من ذلك ويقال: إنّ هذين الفردين وهما السبب والمسبّب تعدّدهما إنّما هو بالنظر الدقّيّ العقليّ، ونحن كنّا نتكلّم بهذا النظر، ففرضنا فردين وقلنا: إنّ البيع اسم للمفهوم الجامع بينهما، والآن نقول: إنّهما بحسب النظر العرفيّ حالهما حال الإيجاد والوجود، والإيجاد عين الوجود. وبكلمة اُخرى نقول: إنّه وإن كان السبب بحسب النظر الدقّيّ موجوداً في اُفق، والمسبّب موجوداً في اُفق آخر، ولكنّه يلحظ السبب عرفاً بما هو آلة للمسبّب وفان فيه، أي: بما هو إيجاد له، وإيجاد المسبّب لا يزيد على وجود المسبّب.