المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

378

اللّهمّ إلاّ إذا قيل: إنّا قصدنا بالاشتراك تعدّد الوضع تفصيلاً. إلاّ أنّ هذا يصبح عندئذ مجرّد بحث ونقاش لفظيّ.

الثاني: ما ذكره أيضاً المحقّق الخراسانيّ(رحمه الله) من أنّنا لو سلّمنا إمكان صدور الوضع اللامتناهي من الواضع؛ لكونه هو الله وهو لا متناه، لكنّ المستعمل هو الإنسان إشباعاً لحاجاته الاستعماليّة، ويستحيل صدور استعمالات غير متناهية منه؛ لاستحالة صدور اللامتناهي من المتناهي(1).

ويرد عليه: أنّ الحاجات الاستعماليّة وإن كانت بوجودها الفعليّ متناهية، لكنّها بوجودها التبادليّ أوسع من وجودها الفعليّ، أي: أنّ البشر سيحتاج من ضمن المعاني اللامتناهية إلى كمّيّة متناهية منها، ولكن ما هي تلك الكمّيّة المتناهية؟ هي العشرة الاُولى مثلا، أو الثانية، أو الثالثة أو عشرة ملفّقة من العشرة الاُولى والثانية وما إلى ذلك من المحتملات؟ فغير معلوم، فلعلّ دائرة ذلك تشمل كلّ المعاني اللامتناهية، فنحتاج إلى الوضع لكلّ تلك المعاني مثلاً حتّى يصحّ الاستعمال في أيّ معنىً أراده الإنسان.

نعم، لو بدّل هذا الجواب الشامخ البرهانيّ إلى جواب متواضع وجدانيّ بأن يقال: إنّ الوجدان حاكم بأنّ حاجات البشر حتّى التبادليّة منها ليست إلاّ عدداً معقولاً من المعاني وكمّيّةً متناهيةً منها، لكان جواباً صحيحاً.

الثالث: ما ذكره المحقّق الخراسانيّ أيضاً من أنّ المعاني متناهية؛ لأنّ المراد بالمعاني ليست هي الجزئيّات، كزيد وعمرو وخالد، بل الكلّيّات، وهي متناهية(2).

 


(1) راجع نفس المصدر.

(2) راجع نفس المصدر، ص 53 ـ 54.