المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

382

الشرطان هناك ويتعدّد الجزاء، فهو يتعهّد مثلاً بأنّه متى ما أراد الحيوان المفترس أتى بلفظ الأسد، ويتعهّد أيضاً مثلاً بأنّه متى ما أراد الحيوان المفترس أتى بلفظ السبع، ومعنى ذلك أن يلتزم بأنّه متى ما أراد الحيوان المفترس أتى بكلا اللفظين، بينما لا يلتزم بذلك حتماً.

إلاّ أنّ الصحيح: أنّ التدافع بين التعهّدين في كلا البابين تدافع إطلاقيّ لا تدافع ذاتيّ، أيّ: أنّ كلاًّ من التعهّدين يزاحم إطلاق التعهّد الآخر لا أصله؛ فإنّ أصل التعهّدين يمكن أن يجتمعا بأن يتعهّد في باب الاشتراك مثلاً بأنّه متى ما أتى بلفظ المولى قصد السيّد، ثُمّ يتعهّد مرّة ثانية بإرادة العبد، ويجعل ذلك ناسخاً لإطلاق الوضع الأوّل، ويقول: إنّ تعهّدي بإرادة السيّد اُقيّده بما إذا لم أكن قد أردت العبد، أو إذا أقمت قرينة صارفة عن إرادة العبد، أي: أنّه يقيّد بتقييد من التقييدات التي وقع الكلام عنها في بحث الوضع، وتعهّده الثاني حين يُنشئه يُنشئه مقيّداً، ولا يبقى أيّ تهافت بين التعهّدين؛ إذ هو بالنتيجة متعهّد مثلاً بأن يقصد هذا المعنى إن لم يقصد ذاك المعنى وبالعكس، سنخ ما يقال في الواجب التخييريّ بناءً على إرجاعه إلى واجبين مشروطين(1).

 


(1) وهذا البيان يبطل ما اختاره السيّد الخوئيّ(رحمه الله) من أن الاشتراك بالمعنى المألوف الراجع إلى تعدّد الوضع باطل، وأنّه لابدّ من تفسير ما قد يتراءى من اللغات من الاشتراك بتفسير آخر يحمل نفس آثار الاشتراك، وهو دعوى: وضع اللفظ بوضع واحد لتلك المعاني المتعدّدة على شكل الوضع العامّ والموضوع له الخاصّ، فالواضع يتعهّد بأنّه متى تكلّم باللفظ الفلانيّ قصد أحد المعنيين أو أحد تلك المعاني، ويكون الموضوع له نفس تلك المعاني بخصوصيّاتها. وهذا يفي بكلا أثري الاشتراك: من كون اللفظ حقيقة في كلّ واحد من تلك المعاني بخصوصه، ومن الحاجة إلى القرينة.