المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

384

وخروج عن محلّ الكلام. وإن فرض أنّه يلحظهما بلحاظين، فهذا غير معقول؛ لأنّ النفس بقطع النظر عن ضمّ ضمائم إليها لا يصدر عنها لحاظان في وقت واحد لبساطتها. نعم، يمكن ذلك بضمّ الضمائم من قبيل: أنّ النفس مع ضمّ جهاز البصر تلحظ المبصر، ومع ضمّ جهاز اللمس تلحظ الملموس، ففي وقت واحد تلحظ شكل التفّاحة ونعومتها، لكن بتوسّط الحيثيّات والقوى(1).

وهذا البرهان غير تامّ؛ لأنّنا نختار الشقّ الثاني، أعني: أنّه يلحظهما لحاظين استقلاليّين. ودعوى استحالة صدور لحاظين من النفس باطلة نقضاً وحلاًّ:

أمّا النقض، فيمكن أن ننقض بأمرين:

الأوّل: أنّ المحقّق النائينيّ(رحمه الله) يعترف بأنّ النفس يمكن أن تلحظ مركّباً اعتباريّاً. ومن الواضح: أنّ المركّب الاعتباري تلبسه النفس ثوب الوحدة، والنفس حينما تعطي ثوب الوحدة لابدّ لها أن تلحظ ما تعطيها إيّاه، وهو في المرتبة السابقة على هذه الوحدة شيئان مستقلاّن، أو أشياء، إذن فالنفس تلحظ هذه الأشياء بما هي كثيرة ثُمّ تلبسها الوحدة.

الثاني: أنّه عند تشكيل قضيّة تصديقيّة لها موضوع ومحمول لابدّ أن يكون الموضوع ملحوظاً والمحمول ملحوظاً، وإلاّ لاستحال صدور الحكم، وعندئذ نسأل: هل يلحظهما بلحاظ واحد أو بلحاظين مستقلّين؟ فان فرض لحاظهما بلحاظ واحد، صار شيئاً مركّباً واستحال انعقاد جملة تامّة منهما. وإن فرض لحاظهما بلحاظين مستقلّين فقد ثبت إمكان تعدّد اللحاظ في آن صدور الحكم من


(1) هذا الذيل، وهو بيان إمكان تعدّد اللحاظ بتوسّط ضمّ الحيثيّات والقوى غير موجود في أجود التقريرات.