المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

386

فاستعمال اللفظ في معنيين محال.

وهذا الكلام أيضاً لا يتحصّل لنا منه إلاّ الألفاظ والمصطلحات، فلنفرض: أنّ الاستعمال إيجاد تنزيليّ للمعنى، لكنّ الإيجاد التنزيليّ معناه إيجاد التنزيل، غاية الأمر: أنّه ينسب بالمسامحة وبالعرض إلى الشيء، فالإيجادان التنزيليّان بمعنى إيجادين لتنزيلين، وهنا تنزيلان متعدّدان، غاية الأمر أنّهما تنزيلان لشيء واحد، وأيّ محذور في ذلك؟ فهذا من قبيل ما لو نزّل زيد منزلة الشيخ المفيد ومنزلة السيّد المرتضى، فهو وجود تنزيليّ لكلّ واحد منهما، أفهل يفترض: أنّ اجتماع هذين التنزيلين محال، أو يفترض: أنّ زيداً شخصان؛ لأنّ الوجود الحقيقيّ لزيد عين الوجود التنزيليّ للشيخ المفيد أو السيّد المرتضى، فتعدّد الوجود التنزيليّ يستلزم تعدّد الوجود الحقيقيّ؟!

الوجه الثالث: ما ذكره صاحب الكفاية من أنّ الاستعمال عبارة عن أن يرى المعنى باللفظ، ويكون اللفظ فانياً في المعنى كفناء المرآة في ذي المرآة، فاللفظ لوحظ لحاظاً آليّاً كما أنّ من يرى وجهه في المرآة تكون رؤيته للمرآة آليّة ولوجهه استقلاليّة، وإذا فنى اللفظ في المعنى، فمعنى ذلك: أنّه استهلك في عالم التصوّر واللحاظ في جنب المعنى، فكيف يمكن أن يستهلك في نفس الوقت في جنب معنىً آخر؟!(1).

 


(1) راجع الكفاية، ج 1، ص 54 ـ 55 بحسب طبعة المشكينيّ.

ثُمّ إنّ الشيخ العراقيّ(رحمه الله) حاول إقامة برهان على عدم إمكان لحاظ اللفظ فانياً في معنيين مستقلّين، ومرآةً لكلّ واحد منهما على استقلاله (كما يظهر من مراجعة المقالات، ج 1، ص 161 ـ 162 بحسب طبعة مجمع الفكر الإسلاميّ بقم)، وهو: أنّ الاستعمال إذا