المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

389


المعنى لعلّة واحدة ـ راجعة إلى جانب التفهيم، لا إلى جانب الاستعمال.

ثُمّ إنّ المحقّق العراقيّ(رحمه الله) قد اختار في مقالاته استحالة استعمال اللفظ في معنيين بحجّة: أنّ الاستعمال يستبطن اللحاظ الفنائيّ للّفظ في المعنى. ففرض تعدّد المعنى مع استقلال أحد المعنيين عن الآخر يستدعي تعدّد لحاظ اللفظ، وهذا يعني اجتماع المثلين. ولكن الذي ورد اختياره في نهاية الأفكار هو إمكان استعمال اللفظ في أكثر من معنى، وذلك (على ما ورد في نهاية الأفكار، ج 1، ص 105 ـ 110 بحسب طبعة جماعة المدرّسين بقم) لأجل أنّ الاستحالة إنّما تتمّ فيما لو فرض المعنيان مستقلّين في عالم اللحاظ، فيلزم تعدّد اللحاظ المنتهي إلى اجتماع المثلين بالبيان الذي عرفت. أمّا لو فرض المعنيان مستقلّين في ذاتهما لا في عالم اللحاظ، فلا يلزم هذا المحذور؛ إذ بالإمكان تعلّق لحاظ واحد بكلا المعنيين برغم استقلال أحدهما عن الآخر في ذاتهما. وقد جمع(رحمه الله)عدّة قرائن على أنّ القائلين بالاستحالة إنّما قصدوا بذلك الاستحالة في فرض استقلال المعنيين أحدهما عن الآخر حتّى في عالم اللحاظ، وقال: لا يظنّ بهم إرادة دعوى الامتناع في هذه الصورة، فإنّ تمام همّهم في المنع عقلاً إنّما هو صورة استقلال المعنيين بوصف الملحوظيّة.

وعلى أيّ حال، فبعد إمكان هذا القسم من الاستعمال في نفسه، أي: الاستعمال بلا تعدّد اللحاظ لا يوجد لدينا برهان عقليّ على استحالة استعمال اللفظ في معنيين.

أقول: إن تعدّد المعنى في عالم الوضع مثلاً، أو في عالم وجوده الخارجيّ، أو عالم تقرّره الماهويّ، أو عالم تصوّر ذهنيّ غير اللحاظ الاستعماليّ، أو نحو ذلك لا أثر له في البحث؛ إذ كلّ ذلك لا يجعل المستعمل فيه ـ بما هو مستعمل فيه ـ متعدّداً، وإنّما الكلام في تعدّده في عالم اللحاظ الاستعماليّ، وتعدّده في عالم اللحاظ الاستعماليّ هو عين تعدّد اللحاظ، ويكون مرجع وحدة اللحاظ الاستعماليّ ـ لا محالة ـ إلى وحدة المعنى المستعمل فيه، وإرادة المجموع من حيث المجموع، والذي هو استعمال للّفظ في معنىً