المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

391

نعم، حيث إنّ المرآتيّة في الاستعمال هي الغالب، وهي المنصرف من الاستعمالات العرفيّة تكون هذه نكتة في استظهار عدم كون الاستعمال في معنيين.

ولا إشكال في أنّ إرادة أكثر من معنىً خلاف الظاهر، فما هي النكتة في ذلك؟


توضيح ذلك: أنّه إذا فرضنا أنّ الوضع عبارة عن التنزيل، أو اعتبار اللفظ معنىً ونحو ذلك، فالواضع شخص والمستعمل شخص آخر، وعمل الواضع شيء وهو تنزيل اللفظ منزلة المعنى أو اعتباره معنىً، وعمل المستعمل شيء آخر وهو: إمّا استعمال اللفظ في المعنى على شكل مجرّد لحاظ العلاميّة، أو استعماله فيه على شكل اللحاظ المرآتيّ والفناء. وعمل الواضع من التنزيل أو الاعتبار لا يعيّن أحد الأمرين على المستعمل؛ إذ لا نكتة لهذا التعيين.

وإذا فرضنا أنّ الوضع عبارة عن التعهّد فالواضع والمستعمل واحد. والاستعمال ـ في الحقيقة ـ يكون وفاءً بذاك التعهّد، فعندئذ لو فرض أنّ التعهّد تعلّق بالجامع بين لحاظ العلاميّة واللحاظ المرآتيّ أو الفنائيّ، أي: أنّه تعهّد مثلا بأنّه متى ما أتى باللفظ قصد المعنى بأحد الشكلين، فهذا التعهّد لا يعيّن شكل الوفاء به لدى الاستعمال، فهو لدى الاستعمال بإمكانه أن يلحظ اللفظ كعلامة، وبإمكانه أن يحلظه لحاظاً فنائيّاً ومرآتيّاً للمعنى، ولو فرض أنّ التعهّد تعلّق بأحد الأمرين بالخصوص، أي: أنّه تعهّد مثلاً بأنّه متى ما أتى باللفظ لاحظه لحاظاً فنائيّاً في ذاك المعنى، أو تعهّد بأنّه متى ما أتى باللفظ استعمله استعمال العلامة لذاك المعنى، فهنا يجب أن يكون الاستعمال تبعاً للوضع؛ لأنّ الوضع هو التعهّد، والاستعمال وفاءٌ بذلك التعهّد، ولكن عندئذ لا يوجد دليل على أنّه يجب أن يكون التعهّد تعهّداً باللحاظ العلاميّ لا الفنائيّ كي يقال: إنّه إذن تعيّن أن يكون الاستعمال علاميّاً، بل التعهّد معقول بكلا الشكلين، وبالجامع بينهما، وبالتالي لا دليل على ضرورة كون الاستعمال على شكل العلاميّة.