المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

399


ولكن لا بما هو لفظ خاو عن المعنى كما في قولنا مثلاً: «ضرب صوت معتمد على مقاطع الفم»، بل بما هو لفظ حاك عن المعنى كما في قولنا مثلاً: «ضرب فعل مشتمل على النسبة»، فلفظة «ضرب» استعملت هنا في نوع ضرب لا في معنى الضرب الموضوع له، ولكن لم تستعمل في نوع هذا اللفظ غير المشير إلى المعنى، فإنّ نوع هذا اللفظ ليس فعلاً مشتملاً على النسبة، بل استعملت في نوع ضرب بما هو مشير إلى ذاك المعنى المشتمل على النسبة. وهذا أمر بين أمرين، أي: بين أن يكون شخص هذا اللفظ مستعملاً في نوعه الخاوي عن المعنى وبين أن يكون مستعملاً في معناه الموضوع له، فهو مستعمل في نوعه الحاكي عن ذاك المعنى، فإذا فرض أنّ شخص لفظة زيد في قولنا «زيدان» مستعمل في نوع هذا اللفظ بما هو حاك عن المعنى، فمن المعلوم أنّ هذا النوع له أفراد عديدة بعدد المسمّين بزيد، فقد ثنّي حتّى يقصد بذلك فردان من هذا المعنى الكلّيّ من دون أن ننتهي إلى استعمال اللفظ في المسمّى، أو نثنّي معنىً جزئيّاً لا يقبل التثنية.

وقد أورد على ذلك اُستاذنا الشهيد(رحمه الله) (بحسب ما ورد في تقرير السيّد الهاشميّ حفظه الله، ج 1، ص 159) بأنّ ما جُعل قيداً لمفهوم نوع اللفظ الذي فرض هو المعنى المقصود بكلمة «زيد» هل هو مفهوم الدلالة على المعنى، أو حقيقة الدلالة على المعنى وواقعها؟

إن فرض الأوّل ورد عليه: أوّلاً: أنّه لا يتبادر إلى الذهن من جملة «جاءني زيدان» مثلاً مفهوم الدلالة إطلاقاً.

وثانياً: لا نعلم كيف صار الذهن ينسبق إلى واقع معنى اللفظ، وهو الشخص الذي جعل «زيد» عَلَماً له من كلمة استعملت في نوع اللفظ، المقيّد بمفهوم الدلالة لا حقيقة الدلالة؛ إذ لا شكّ في أنّه يفهم من قوله «جاءني زيدان» مجيء شخصين واقعيّين، لا مجرّد لفظين دالّين على شخصين.

وإن فرض الثاني، وهو تقيّد نوع اللفظ الذي هو مفهوم كلمة «زيد» بواقع الدلالة، فمن الواضح: أنّ المفهوم لا يعقل تقييده إلاّ بمفهوم لا بالواقع، والانتقال التصوّريّ إنّما يكون