المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

405

الصفات العرضيّة التي هي لازم للذات، وذلك كالواجب والممكن والممتنع والسبب والمولِّد والمولَّد ونحو ذلك، فإنّه لا يعقل زوال هذا العرضيّ مع بقاء الذات.

ومن هنا اضطرّ السيّد الاُستاذ ـ دامت بركاته ـ لدفع هذا الإشكال أن يقول: إنّنا نتكلّم في وضع الهيئات الاشتقاقيّة، ووضعها نوعيّ، فهيئة (واجب) مثلاً بشخصها لم توضع حتّى يقع هذا الإشكال، ويقال: إنّه لا يعقل زوال المبدأ وبقاء الذات، وإنّما الموضوع هو طبيعة هيئة فاعل، ولا إشكال في أنّ هذه الهيئة قابلة لزوال المبدأ فيها عن الذات ولو بلحاظ بعض الأفراد(1).

إلاّ أنّ التحقيق: أنّ هذه البلبلة نشأت من عدم تحديد الركن الثاني، فوقع خلط بين الاستحالة الفلسفيّة والاستحالة المنطقيّة. ونقصد بالاستحالة المنطقيّة: الاستحالة على أساس التناقض، كانفكاك الإنسان عن الإنسانيّة بأن تبقى الذات بالرغم من زوال المبدأ، فإنّ هذا معناه اجتماع النقيضين، وبالاستحالة الفلسفيّة: كلّ استحالة لا ترجع إلى التناقض، كانفكاك النار عن الحرارة، وذات الواجب عن الوجوب، أو ذات الممكن عن الإمكان ونحو ذلك، فإذا فرض: أنّ الركن الثاني يجب أن يكون هو عدم استحالة زوال المبدأ مع بقاء الذات استحالة منطقيّة لا فلسفيّة ارتفع الإشكال، فإنّ هذه الاستحالة إنّما هي في الذاتيّات، حيث إنّ زوالها مع بقاء الذات تناقض؛ إذ هي عين الذات أو جزؤها. وأمّا في العرضيّات اللازمة، فلا تناقض في فرض زوالها مع بقاء الذات، وإنّما الاستحالة في ذلك فلسفيّة. وبناء على هذا الفرض يكون الأولى أن نعبّر عن الركن الثاني بأن يكون


(1) راجع المحاضرات، ج 1، ص 228 بحسب طبعة مطبعة النجف.