المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

406

المبدأ غير الذات؛ إذ متى ما كان عينه كان الارتفاع مع بقاء الذات مستحيلاً على أساس التناقض، ومتى ما كان غيره فليس في فرض ارتفاع المبدأ مع بقاء الذات تناقض، فالركن الثاني لو عبّر عنه بالصياغة المشهورة، وهي: عدم استحالة انفكاك المبدأ عن الذات، جاء هذا الإشكال، ولو عبّر عنه بهذه الصياغة، وهي: أن يكون المبدأ غير الذات، لم يكن موضوع لهذا الإشكال.

يبقى الكلام في أنّ أيّ الصياغتين أحقّ بالركنيّة؟

فنقول: إنّ النزاع في المقام إنّما هو في الوضع، وإنّه هل وضع للأعمّ أو لا؟ ومن المعلوم أنّ الغرض من توسعة دائرة الوضع بنحو يشمل الذات المنقضية عنها المبدأ ليس هو توسعة دائرة الوجود الخارجيّ بأن يصحّ أن يقال: هذا موجود، وإنّما الغرض توسعة دائرة الاستعمال بحيث يمكن الاستعمال في المنقضي عنه المبدأ. ومن المعلوم أنّ الاستعمال موقوف على التصوّر، لا على الوجود الخارجيّ، فضابط إمكان الاستعمال إمكان التصوّر، لا إمكان الوجود الخارجيّ. وفي موارد مغايرة المبدأ للذات يمكن تصوّر الذات المنفكّة عن المبدأ، وإن كان المبدأ من الأوصاف اللازمة للذات، فبالإمكان تصوّر ذات انقضى عنها الوجوب، أو الإمكان، أو العلّيّة، أو غير ذلك من الصفات اللازمة للذات، فإذا أمكن التصوّر تعقّل الاستعمال، وإذا تعقّل الاستعمال تعقّل الوضع، وإذا تعقّل الوضع تعقّل النزاع. وأمّا في موارد كون المبدأ عين الذات تماماً أو جزءها، من قبيل: الإنسان والإنسانيّة، أو الإنسان والحيوانيّة فلا يمكن تصوير الوضع للأعمّ، فإنّه إذا اُريد بالقول بالوضع للأعمّ: أنّ كلمة «الإنسان» موضوعة مثلاً للأعمّ من الإنسان المتلبّس بالإنسانيّة بالفعل والمنقضية عنه الإنسانيّة، فهذا غير متصوّر، فإنّنا بمجرّد أن فرضنا الذات فرضنا فعليّة التلبّس؛ لأنّ المبدأ محتوىً في الذات، والجمع بين