المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

409

فان أرادوا بالذات المركّب الثلاثي الذي هو نوع حقيقيّ، أي: المركّب من الأوّل والثاني والثالث، فصحيح ما يقال من أنّ الذات ترتفع بارتفاع المبدأ؛ لأنّ المبدأ جزء من أجزاء هذا المركّب الثلاثي، ولكن لا مُلزِم لقصر النظر على هذه الذات المصاغة من المركّب الثلاثي حتّى يقال: لا تبقى بعد ارتفاع الجزء الثالث، بل هناك ذات اُخرى يمكن تصوّرها، وهي المركّب الثنائيّ، أي: المركّب من الأوّل والثاني، وهو القدر المشترك بين جميع الأجسام، فإنّه ذات، ولا إشكال في أنّه يحمل عليه عنوان الحديد، فيقال: «هذا الجسم حديد»، أو يقال: «الجسم تارةً يكون حديداً واُخرى خشباً» فلنبحث عن أنّ ارتفاع الحديديّة هل يوجب ارتفاع هذا المركّب الثنائيّ، أو لا؟ فنقول:

أمّا على ما بيّنّاه من أنّ الركن الثاني عبارة عن مغايرة المبدأ للذات، فمن الواضح: أنّ هذا الركن ثابت؛ لأنّ الحديديّة مغايرة للمركب الثنائيّ، كما أنّ الركن الأوّل ـ وهو الجري على الذات ـ ثابت؛ إذ لا إشكال في أنّ عنوان الحديد يحمل على الجسم.

وأمّا إذا سلكنا في الركن الثاني مسلكهم، وعبّرنا بإمكان الانفكاك بين المبدأ والذات، وأخذنا هذه العبارة على إطلاقها، ولم نميّز بين الإمكان المنطقيّ والإمكان الفلسفيّ، أو بين الاستحالة المنطقيّة والاستحالة الفلسفيّة، فعندئذ يقع الكلام في أنّه: هل يمكن الانفكاك في المقام، أو لا؟ فنقول:

أمّا بحسب النظر الدقّيّ والفلسفيّ، فهناك بحث بين الفلاسفة، فمن ذهب إلى أنّ الصورة الجسميّة متقوّمة وجوداً بأشخاص الصور النوعيّة قال بعدم إمكان الانفكاك، وأنّ الجسم يتبدّل بتبدّل الصورة النوعيّة؛ ولذا التزموا بتبدّل الصورة الجسميّة في النخلة بقطعها؛ إذ بعد القطع تصبح خشباً. ومن ذهب إلى أنّ الصورة