المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

413


جديداً من الماء لم يلاقِ النجاسة؛ لأنّه كما أنّ الانفصال الفلسفيّ يساوق التعدّد الفلسفيّ، والمعدوم فلسفيّاً يستحيل عوده فلسفيّاً، كذلك الانفصال العرفيّ يساوق التعدّد العرفيّ، والمعدوم عرفاً لا يقبل العود في نظر العرف.

وقد يُقابل هذا البرهان ببيان ينتج خلاف نتيجته، وهو: أنّه لو صحّ أنّ جسم الخشب قد تبدّل لدى العرف بتحوّله إلى الفحم بجسم آخر، لَما كان العرف يعبّر عن هذه العمليّة بقوله: «تحوّل الخشب فحماً»، بل كان يعبّر بتعبير: «أنّ الخشب قد انعدم ووجد الفحم»، في حين أنّه لا شكّ في أنّ هذه العمليّة تعتبر في نظر العرف تحوّلاً للخشب إلى الفحم، لا فناء شيء ووجود شيء آخر مستقلّ عن الأوّل.

وأجاب اُستاذنا الشهيد(رحمه الله) عن ذلك بأنّ هذا التعبير لا يدلّ على أكثر من وجود خيط ممتدّ بين الحالتين، وقاسم مشترك متّصل يحسّ به العرف ـ ولو إجمالاً ـ بين الخشب والفحم، وقد تبادلت عليه صورتا الخشب والفحم، فليست الصورتان منفصلة أحداهما عن الاُخرى تماماً. أمّا أنّ ذاك القاسم المشترك عبارة عن الجسم، فغير معلوم، فليكن ذاك القاسم المشترك المحسوس إجمالاً عبارة عمّا أسماه الفلاسفة بالهيولى، والتي لا تقبل عرفاً أن تكون هي المعروضة للنجاسة؛ ولهذا ترى أنّه لدى تحويل المادّة إلى الطاقة يقول العرف أيضاً: «تحوّلت المادّة إلى طاقة»، ولا يقول: «انعدمت المادّة ووجدت طاقة مستقلّة عن تلك المادّة»، مع أنّ الجسم في هذا الفرض غير منحفظ(1) لدى تحوّلها إلى الطاقة.

ثُمّ إنّنا إذا لم نسلّم تبدّل الجسم عرفاً في المقام لدى تحوّل الخشب فحماً أو رماداً فقد يستدلّ على مطهّريّة الاستحالة بوجوه اُخرى نذكر بعضها:

الأوّل: أنّ دليل تنجّس ملاقي النجاسة بالسراية ليس عبارة عن دليل لفظيّ له إطلاق

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) وحتّى لو فرضت وحدة الجسم والطاقة بالدقّة، فلا إشكال في أنّ الجسم غير منحفظ عرفاً لدى التحوّل إلى الطاقة.