المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

424

الزمان في مفهوم المشتقّ.

وبعد الفراغ عن أنّ المشتقّ يدلّ على المتلبّس من دون دلالة له على الزمان يقع كلام آخر في أنّه: هل المشتقّ موضوع للمتلبّس بلا أيّ قيد للتلبّس، أو موضوع للذات المتلبّسة بالمبدأ تلبّساً مقارناً للنطق؟ وهذا لا يعني أخذ زمان النطق في مفهوم المشتقّ، بل أخذ نفس النطق الذي هو زمانيّ، أي: أنّ التلبّس بالمبدأ يقيّد بالمقارنة مع النطق، فالذات المتلبّسة بالعلم مثلاً تلبّساً مقارناً للنطق مدلول لكلمة «عالم» أو موضوع للذات المتلبّسة بالمبدأ تلبّساً مقارناً للحكم والجري؛ إذ قد يختلف الحكم مع النطق، فحينما أقول: «زيد قائم بالأمس» يكون نطقي اليوم وحكمي بلحاظ الأمس.

وهذه الاحتمالات الثلاثة يظهر بينها فارق في اُسلوب الاستظهار، فمثلاً حينما يقال: «زيد عالم» و«زيد حيّ يرزق» يفهم منه: أنّه عالم الآن، أي: في زمان النطق. فإن قلنا بالاحتمال الثاني إذن فكلمة «عالم» تدلّ على ذلك بالظهور الوضعيّ. وإن قلنا بالاحتمال الثالث فكلمة «عالم» إنّما تدلّ بالظهور الوضعيّ على كونه عالماً حين الحكم والجري، ولكن يفهم بالإطلاق وانصراف الكلام أنّ زمان الحكم والجري هو زمان النطق، فعن هذا الطريق يصبح الكلام ظاهراً في كونه عالماً في زمان النطق. وإن قلنا بالاحتمال الأوّل، فكلمة «عالم» لا تدلّ إلاّ على أصل التلبّس، وظهور الجملة في الهوهويّة والاتّحاد بين الموضوع والمحمول يدلّ على أنّ زيداً هو عين العالم (والعالم هو الذات التي لها التلبّس)، فهذا لا يصدق إلاّ إذا كان في ظرف الجري والحكم متلبّساً، فيكون إثبات التلبّس في زمان الجري بظهور القضيّة، لا ظهور المشتقّ، ثُمّ نثبت بالإطلاق والانصراف أنّ زمان الجري هو زمان النطق، فبالتالي يصبح الكلام ظاهراً في كونه عالماً في زمان النطق.