المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

425

فعندنا ثلاثة دوالّ: دالٌّ على التلبّس بنحو مهمل مجمل وهو المشتقّ، ودالّ على أنّ التلبّس في ظرف الجري وهو ظهور الجملة في الهوهويّة، ودالّ على أنّ ظرف الجري هو ظرف النطق وهو الإطلاق. فهذه هي الفوارق الاستظهاريّة بين الاحتمالات الثلاثة. والصحيح منها هو الاحتمال الأوّل.

أمّا إبطال الاحتمال الثاني، فيكون بأمرين:

الأوّل: هو أنّ التلبّس لو كان مقيّداً بالنطق، لزم كون قولنا: «زيد ضارب بالأمس» أو «زيد ضارب غداً» مجازاً، مع أنّه لا إشكال في كونه حقيقة حينما يكون قد صدر عنه الضرب بالأمس، أو سيصدر منه غداً.

والثاني: أنّه إن اُريد بأخذ النطق قيداً: أخذ مفهوم النطق، فهذا باطل؛ إذ لا يخطر على البال حينما نسمع كلمة «عالم» نفس ما يخطر على البال من كلمة «نطق». وإن اُريد أخذ واقع النطق، لزم أن تكون كلمة «عالم» في حال عدم النطق لا معنى لها؛ لأنّ واقع النطق لا يتحصّل إلاّ حينما يوجد خارجاً، بينما ليس الأمر كذلك.

وأمّا إبطال الاحتمال الثالث، فأيضاً يكون بأمرين:

الأوّل: سنخ الإشكال الثاني على الاحتمال الثاني. وحاصله: أنّ المأخوذ: هل هو مفهوم الجري أو واقعه؟ فإن قيل بالأوّل، فهو باطل بالضرورة؛ لأنّ هذا المفهوم بما هو مفهوم لا نلتفت إليه حينما نسمع كلمة «عالم» مثلاً. وإن قيل بالثاني، فإذا أتى بكلمة «عالم» لا في جملة تامّة، فقيل: «عالم» لزم أن لا يكون لها معنىً؛ إذ لا حكم ولا جري، بينما ليس الأمر كذلك.

الثاني: أنّ الجري في طول المحمول والموضوع، فإنّ معناه إثبات هذا لذاك، فكيف يؤخذ في المحمول؟! فإذن الصحيح: هو الاحتمال الأوّل، وهو أنّه بناءً على كون المشتقّ موضوعاً للمتلبّس يكون موضوعاً للمتلبّس بلا قيد.