المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

43

وعلم الرجال وإن كان صدفة لا ينفع لعلم آخر غير الفقه، كما هو الحال في علم الاُصول، لكنّه خارج عن علم الاُصول؛ لما عرفت من أنّه يتكلّم عن مقدّمات قبليّة، أي: سابقة على المقدّمات المباشرة، والذوق العلميّ يقتضي فصل المقدّمات القبليّة من المقدّمات المباشرة؛ باعتبار أنّ من طبيعتها أن يتعقّل دخلها في دائرة أوسع وإن اتّفق صدفة عدم دخلها في ذلك.

وقد اتّضح بما ذكرناه: أنّ القيد الأخير يخرج علم المنطق وعلم الرجال.

 


فلا تصبح منطقاً لعلم الفقه، ولا تكون وسيعة بنحو تكون منطقاً لعلوم اُخرى أيضاً، بل اُخذت فيها الموادّ بدرجة سقطت عن قابليّة كونها منطقاً لسائر العلوم، ولكنّها منطق لعلم الفقه ودخيلة في الاستنباط من دون شرط وقوعها كبرى في طريق الاستنباط، والبحث عن وثاقة الراوي وإن كان أيضاً دخيلاً في الاستنباط، ولكن هنا قيد آخر ثابت بالارتكاز المميّز بين علم الاُصول ومثل علم الرجال، وهو: أنّ علم الاُصول يجب أن يكون مربوطاً بالحكم، بمعنى أن يكون هو حكماً ظاهريّاً كحجّيّة خبر الثقة، أو يكون من مقتضيات الحكم في إحدى المراحل الثلاث: الجعل، والإبراز، والتنجيز أو التعذير، فالأوّل كمباحث إمكان الترتّب، والملازمة بين وجوب المقدّمة ووجوب ذيها، ونحو ذلك من الاُمور التي يقتضيها الحكم بحسب عالم جعله، والثاني كمباحث دلالة الأمر على الوجوب، والنهي على الحرمة، والمشتقّ على ما انقضى عنه المبدأ أو المتلبّس، ونحو ذلك، والثالث كمباحث منجّزيّة الاحتمال أو معذّريّته عقلاً.

أقول بمناسبة ذكره(رحمه الله) للمشتقّ: وقد يفترض أنّ بحث المشتقّ أو نحوه كبحث الصحيح والأعمّ داخل في بحث الاُصول بخلاف البحث عن معنى مثل كلمة « الصعيد » هل هو التراب أو مطلق ما على وجه الأرض مثلا، والفرق: أنّ القيد في بحثي المشتقّ والصحيح والأعمّ لم يخرجهما عن سريانهما في الاستنباط في كثير من أبواب الفقه، ولكن القيد في مثل تفسير كلمة « الصعيد » أخرجه عن الدخل في الاستنباط في عامّة أبواب الفقه، وخصّه بمسألة التيمّم.