المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

436

محلّ الكلام: أنّنا تارة نفرض أنّ الجامع الأعمّيّ محفوظ في ضمن المتلبّس والمنقضي عنه المبدأ، إلاّ أنّ المتلبّس يزيد عليه بزيادة، فالنسبة بينهما كالنسبة بين الرقبة والرقبة المؤمنة، واُخرى يفرض أنّهما مفهومان متباينان في عالم المفهوميّة وإن كانت النسبة بينهما في مقام الصدق والانطباق العموم المطلق. فإن فرضنا الأوّل، كان من الأقلّ والأكثر في نفس عالم عروض الوجوب؛ لأنّ الجامع محطّ للوجوب على أيّ حال، وتقيّده مشكوك، فتجري البراءة عن الزائد. وإن فرضنا الثاني، فبلحاظ عالم الوجوب والواجب يكون الأمر دائراً بين المتباينين، ولكن بحسب عالم الكلفة التي هي نتيجة الوجوب يكون الأمر دائراً بين الأقلّ والأكثر؛ لأنّ كلفة وجوب الجامع الأعمّيّ أقلّ من كلفة الآخر؛ لأنّ دائرة صدقه أوسع. وقد بيّنّا في محلّه أنّه مع دوران الأمر بين الأقلّ والأكثر بلحاظ عالم الكلفة تجري البراءة عن ذي الكلفة الزائدة، فتجري في المقام البراءة عن وجوب إكرام خصوص المتلبّس بالفعل.

وإن تعلّق التكليف بمطلق الوجود كما لو قال: «أكرم العالم» وانقضى المبدأ عن بعض الأفراد، فهنا فصّل صاحب الكفاية بين ما إذا كان الحكم قد حدث بعد انقضاء المبدأ، فيكون الشكّ شكّاً في حدوث الوجوب، فتجري البراءة أو استصحاب عدم الوجوب، وما إذا كان الحكم قد حدث قبل انقضاء المبدأ، فيجري استصحاب الوجوب(1).

أقول: إنّه فيما إذا كان حدوث الحكم بعد انقضاء المبدأ: فتارةً يكون ذلك من باب: أنّ أصل جعل المولى للحكم كان بعد انقضاء المبدأ، فهنا يتمّ ما ذكره صاحب


(1) راجع الكفاية، ج 1، ص 68 بحسب طبعة المشكينيّ.