المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

454

حتّى ترد الإشكالات السابقة، وإنّما التصرّف في مدلول جملة «زيد صائغ» الدالّة على الجري والهوهويّة، وأنّ المحمول عين الموضوع، فنقول: إنّه بقرينة كون الصياغة حرفةً وصناعةً يكون مدلول الجملة هو الهوهويّة والجري الشأنيّ لا الفعليّ، أي: هذا هو ذاك شأناً لا فعلاً، فالتصرّف إنّما هو في مدلول الجملة بقرينة قضيّة خارجيّة، وهي وجود أشخاص جالسين في دكاكينهم مثلاً بعنوان: أنّ حرفتهم الصياغة مع عدم الانشغال فعلاً بالصياغة.

ويمكن الإشكال على ذلك بأنّ الوجدان قاض بأنّ كلمة «صائغ» في نفسها حينما نلحظها بما هي مدلول كلمة أفراديّة نرى أنّ مفهومها أوسع من مفهوم «ضارب»، وليس المتبادر منه (بلا فرض جملة) هو خصوص المتلبّس بالفعل، بل أعمّ من ذلك، فالوجدان حاكم بأنّ السعة المدّعاة إنّما هي بلحاظ نفس المشتقّ، بينما هذا الوجه يفرض أنّها بلحاظ الجملة.

الوجه الخامس: أن يكون التصرّف في أمر خارجيّ، فالعرف باعتبار تكرّر الصياغة منه يُعمل عناية ارتكازية بحيث يرى كأنّ الصياغة مستمرّة منه، والفترات المتخلّلة تلغى بالنظر العرفيّ، فهذا إعمال عناية في أمر خارجي، أي: في حال هذا الرجل، فكأنّه يُرى أنّه يصوغ دائماً ويحرّك يديه بالصياغة دائماً، فبعد إعمال هذه العناية ينطبق عليه صائغ بلا تصّرف في المادّة، أو الهيئة، أو مدلول الجملة.

وهذا أيضاً يمكن للأعمّيّ أن يبطله؛ إذ لو صحّت هذه العناية العرفيّة الارتكازيّة، إذن لصدق عرفاً أن نقول حينما يكون زيد الصائغ مشغولاً بالصلاة مثلاً: إنّ زيداً متلبّس بالصياغة فعلاً، بينما لا نقول كذلك، فإذا بطلت كلّ هذه الوجوه تعيّن الوجه الأوّل، وهو الوضع للأعمّ.

هذا أحسن ما يمكن أن يقال في تقريب التفصيل.