المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

455

ولكن مع ذلك يرد على القول بالتفصيل:

أوّلاً: أنّه وإن صدق وجداناً الصائغ على من رَفع يده عن العمل فعلاً لأجل الاستراحة أو غيرها، إلاّ أنّ هذا يمكن تفسيره بافتراض التوسّع في مدلول الهيئة بوضعها للمتلبّس الأعمّ من الفعليّ والشأنيّ، وهو الوجه الثالث من الأوجه الماضية، وليس من حقّ القائل بالتفصيل أن يبطل هذا الوجه بدعوى: كون هيئة «فاعل» موضوعة بوضع نوعيّ واحد لا أكثر؛ لأنّ هذا المفصّل مضطرّ إلى الالتزام بتعدّد الوضع في هيئة «فاعل»؛ إذ هو يسلّم أنّ كلمة «ضارب» ونحوها موضوعة للمتلبّس بالفعل، ولكن كلمة «صائغ» موضوعة للأعمّ. وهذا معناه: أنّ الهيئة في مثل «ضارب» موضوعة للمتلبّس بالفعل، وفي مثل «صائغ» موضوعة للأعمّ، فقد تعدّد الوضع، فلماذا يستوحش من افتراض: أنّ الهيئة في «ضارب» موضوعة للتلبّس الفعليّ، وفي «صائغ» للأعمّ من التلبّس الفعليّ والشأنيّ؟ وكيف يُبطل هذا الوجه بلزوم تعدّد الوضع؟!

وثانياً: أنّ الصحيح هو الوجه الثالث، وهو وضع الهيئة للتلبّس الأعمّ من الشأنيّ والفعليّ بلاحاجة إلى فرض وضع شخصيّ لهيئة «صائغ»، وتعدّد الوضع في هيئة «فاعل»، وذلك بأن يقال: إنّ هيئة «فاعل» مطلقاً موضوعة للتلبّس الأعمّ من الفعليّ والشأنيّ حتّى في مثل «ضارب»، إلاّ أنّ المقصود من التلبّس الشأنيّ هو التلبّس الاحترافيّ، أي: اتّخاذ المبدأ حِرفةً أو ديدناً وطريقةً لا مجرّد إمكان التلبّس وقابليّته، غاية الأمر: أنّ هذا النحو من التلبّس ليس له مصداق في مثل «ضارب» و«قائم»؛ لأنّ الضرب أو القيام لم يتّخذ حرفة في السوق، لكن له مصداق في «صائغ»؛ لأنّ الصياغة اُتّخذت حرفة في السوق، وفي مذبح؛ لأنّ مكاناً معيّناً في البلد اُعدّ للذبح وهكذا. فهذا نوع من التلبّس إن ثبت في «ضارب»