المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

46

على ضرورة وجود موضوع معيّن لكلّ علم، واُخرى يقال: إنّ هناك برهاناً على خلاف ذلك:

فنحن هنا تارة نتكلّم حول البرهان على ضرورة وجود موضوع معيّن لكلّ علم، واُخرى حول البرهان على عدم ضرورة ذلك.

أمّا الكلام الأوّل، وهو: أنّه هل هناك برهان على ضرورة وجود موضوع معيّن لكلّ علم أو لا؟ فقد بُرهن على ذلك بمجموع مقدّمتين:

الاُولى: القاعدة الفلسفيّة القائِلة: ( إنّ الواحد لا يصدر إلاّ عن واحد ) بعد الإيمان بأنّها كما تصدق في الواحد بالشخص فهو لا يصدر إلاّ من واحد بالشخص، كذلك تصدق في الواحد بالنوع، فهو لا يصدر إلاّ من الواحد بالنوع.

الثانية: أنّ كلّ علم يترتّب على جميع مسائله غرض واحد بالنوع.

إذن فيكشف هذا الغرض الواحد المترتّب على المسائل المتشتّتة عن وجود جامع حقيقيّ بينها، وهو موضوع العلم.

وتحقيق الكلام في المقدّمة الثانية هو: أنّه لا ينبغي أن يكون المراد من الغرض الواحد المترتّب على مسائل العلم هو الغرض في مرتبة التدوين والدرس؛ إذ من الواضح: أنّ الأغراض تختلف في ذلك باختلاف الناس، فقد نرى شخصاً لم يتعلّق غرض له بتدوين أو درس علم معيّن إلاّ بمقدار قليل منه، وقد نرى شخصاً تعلّق غرضه بأكثر من ذلك، وشخصاً آخر تعلّق غرضه بتمام العلم، وقد يكون الغرض سنخ غرض لا يتحقّق إلاّ بدراسة علوم عديدة من قبيل غرض تحصيل الاجتهاد مثلاً، فليس هناك غرض واحد مشترك بين تمام مسائل العلم حتّى يكشف عن وحدة الموضوع.

فلا بدّ أن يكون المراد من الغرض هو الأثر المترتّب على ذات العلم الثابت في