المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

47

وعائه المناسب له من لوح الواقع كما في الملازمات والتعليلات، أو من وعاء الجعل كما في قواعد الإعراب، أو أيّ وعاء آخر.

ولتوضيح البحث في ذلك نأخذ مثالاً معيّناً ونتكلّم حوله، وهو علم النحو الذي قالوا عنه: إنّ الغرض المترتّب عليه هو صيانة اللسان عن الخطأ في الكلام، فلا ينبغي أن يكون المقصود من ذلك تشخيص غرض العلم في مرحلة التدوين والدرس، وإلاّ فقد يكون الغرض شيئاً آخر كأخذ المال ممّن وعده بالمال، أو النجاة عن وعيد من أمره بدراسة هذا العلم، ونحو ذلك. بل لا بدّ من أن يكون المقصود هي الفائدة المترتّبة على ذات العلم بغضّ النظر عن تدوينه ودرسه.

ويتبادر هنا إلى الذهن سؤال، وهو: كيف يفرض أنّ هذا الغرض يترتّب على ذات العلم بما له من وجود في الوعاء المناسب له، في حين أنّه لو كان وجود علم النحو في واقعه كافياً لصيانة اللسان من الخطأ لَما أخطأ أحد في الكلام سواء عرف علم النحو أو لم يعرف؟

وللجواب على هذا السؤال صياغتان:

الصياغة الاُولى: أن يقال: إنّ المقصود من ترتّب صيانة اللسان على وجود علم النحو ترتّب التمكّن من الصيانة على وجوده، وبكلمة اُخرى لا نقول: إنّ علم النحو علّة تامّة للصيانة، وإنّما نقول: إنّه جزء العلّة، فحينما ينضمّ إليه سائر الأجزاء من إرادة المتكلّم ومعرفته به ترتّبت على ذلك الصيانة.

وحينئذ نقول: هل المراد من صيانة اللسان عن الخطأ في الكلام واقع الصيانة، أو عنوان الصيانة؟ فإن كان المراد واقع الصيانة، قلنا: لا نسلّم وحدة الغرض المترتّب على المسائل، فإنّ واقع الصيانة في الفاعل مثلاً هو التلفّظ بالرفع، وواقعها في المفعول هو التلفّظ بالنصب، وواقعها في المضاف إليه هو التلفّظ بالجرّ، وهذه اُمور متباينة.