المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

49

وجود الجامع بين مسائل العلم فقد فرغنا عن وحدة الموضوع قبل هذا البرهان، ولو فرضنا التباين في الموضوعات والمحمولات كانت النِسب لا محالة متباينة.

وهناك برهان آخر على أنّ لكلّ علم موضوعاً واحداً، وهو: أنّ تمايز العلوم يكون بتمايز الموضوعات، فلابدّ أن يكون لكلّ علم موضوع على حدة لا محالة.

وقد أورد صاحب الكفاية(قدس سره) على القول بكون تمايز العلوم بالموضوعات: أنّه لو كان تعدّد الموضوع هو الذي يعدّد العلوم لكان كلّ باب، بل كلّ مسألة علماً على حدة(1).

إلاّ أنّ هذا الإشكال بالإمكان دفعه؛ لأنّهم يقولون: إنّ موضوع العلم هو الذي يبحث عن عوارضه الذاتيّة، ويقولون: إنّ العارض الذاتيّ لشيء إذا كان عارضاً ذاتيّاً لما هو أعمّ منه كان موضوع العلم هو ذاك الشيء الأعمّ، إذن فبالإمكان أن يقال ـ حسب وجهة نظرهم ـ: إنّ موضوع العلم الذي يمتاز به العلوم هو ذاك الشيء الذي تعرض عليه العوارض الذاتيّة الموجودة في ذلك العلم من دون أن تعرض على ما هو أعمّ منه.

ولكنّ أصل هذا البرهان على وحدة الموضوع لكلّ علم في غير محلّه، فإنّنا إنّما نؤمن بكون تمايز العلوم بتمايز الموضوعات لو آمنّا منذ البدء بأنّ لكلّ علم موضوعاً واحداً، وإلاّ فكون تمايزها بتمايز الموضوعات أوّل الكلام.

نعم، لو فرض ورود دليل تعبّديّ من آية أو رواية على أنّ تمايز العلوم بالموضوعات لكشفنا بنحو الإنّ عن أنّ كلّ علم له موضوع واحد.


(1) راجع الكفاية، ج 1، ص 53 بحسب الطبعة المحقّقة بتحقيق الشيخ سامي الخفاجيّ حفظه الله.