المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

496

عدم جنسيّة الشيء كما صنعناه.

وأمّا أصل الصيغة، وهي لزوم دخول العرض العامّ في الفصل وهو محال، فهذا مبنيّ على الالتزام بكون كلمة «ناطق» قد حكم عليها بالفصليّة بما لها من معنىً لغويّ وعرفىّ، ولكن هذا أوّل الكلام، فإنّ كلمة «ناطق» التي اعتبرها المناطقة فصلاً لم يعرف أنّهم جعلوها فصلاً بما لها من معنىً لغويّ وعرفيّ، بل نقطع بعدمه؛ إذ لابدّ لتصوير فصليّته من التصرّف في مادّته وهي النطق؛ لوضوح: أنّ النطق يراد به لغةً وعرفاً التكلّم؛ أو يراد به بنحو من العناية الإدراك. والتكلّم الذي هو من مقولة الكيف المسموع، والإدراك الذي هو من مقولة الكيف النفسانيّ كلاهما أمر عرضيّ، وما يكون ذاتيّاً وفصلاً للإنسان هو منشأ التكلّم والإدراك، فإذا فرض التصرّف في المادّة فلماذا يستبعد التصرّف في الهيئة؟! ولو سلّم عدم تصرّفهم في الهيئة فغاية ما يلزم اشتباه المناطقة في المعنى العرفيّ للناطق، فتخيّلوا عدم دخول مفهوم الشيء فيه. وهذا الاشتباه ليس عجيباً؛ لأنّ تشخيص المفهوم اللغويّ للناطق شأن اللغويّ لا المنطقىّ حتّى يستبعد خطؤهم في ذلك، ويصبح كلامهم برهاناً على معنى الناطق. هذا.

وإن كان مراد المحقّق الشريف(رحمه الله) البرهنة على بساطة الفصل، أي: عدم دخول مفهوم الشيء فيه، هو صحيح ولا علاقة لذلك بما نحن فيه. وتوضيح ذلك: أنّ


عروضه على جنس من هذا القبيل بحيث نكتشف من افتراض عدم جنس أوسع كون هذا أمراً ذاتيّاً لا عرضيّاً. نعم، لو كان العرض عرضاً حقيقيّاً ومعلولاً لمعروضه، فقد كنّا نستكشف بقانون (أنّ الواحد لا يصدر إلاّ عن واحد) وجود جنس فوق تلك المعروضات كي تكون هي العلّة لذاك العرض، أمّا العرض الانتزاعيّ فلا يأتي فيه هذا البيان.

وأمّا الوجه الثاني: فكون الانتزاع من الذات بلا واسطة أمر عارض عليه إنّما يثبت ذاتيّته له بالمعنى المقصود في كتاب البرهان لا بالمعنى المقصود في كتاب الكلّيّات.