المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

50

وأمّا الكلام الثاني ـ وهو البرهان على أنّه لا يمكن فرض موضوع واحد للعلم دائماً ـ: فيستفاد من كلمات السيّد الاُستاذ (دامت بركاته) برهانان على ذلك:

البرهان الأوّل: برهان طُبّق على علم الفقه، وذلك بأن يقال: لا يمكن افتراض جامع حقيقيّ بين مسائل علم الفقه وذلك بأن يكون الموضوع في ذلك الجامع جامعاً بين موضوعات العلم، والمحمول فيه جامعاً بين محمولاته؛ وذلك لأنّ محمولات علم الفقه عبارة عن الأحكام، والأحكام هي اُمور اعتباريّة لا اُمور حقيقيّة، فالجامع بينها لا يكون إلاّ مجرّد أمر اعتباريّ لا جامعاً حقيقيّاً(1).

ويرد عليه: أنّ الشيء المُعتبر في باب الاعتبارات وإن كان أمراً اعتباريّاً ليس له وجود حقيقيّ، لكنّ نفس الاعتبار له وجود حقيقيّ لا محالة، فالشارع حقيقةً اعتبر الوجوب أو الحرمة أو غير ذلك، وهذا الاعتبار له وجود حقيقيّ موجود في نفس المولى قائم على أساس المصالح والملاكات، فيفرض الجامع الحقيقيّ بين هذه الاعتبارات الموجودة حقيقةً(2).

البرهان الثاني: أيضاً طبّق على الفقه، وذلك بأن يقال: إنّ موضوعات علم الفقه هي من مقولات شتّى لا جامع بينها، فمنها ما يكون جوهراً كالدم في الحكم بنجاسة الدم، ومنها ما يكون من مقولة الكيف المسموع كالقراءة في الحكم بوجوب القراءة، ومنها ما يكون من مقولة الوضع كالركوع في الحكم بوجوب الركوع، ومنها ما هي اُمور عدميّة كتروك الصوم أو الإحرام مثلاً، فهل هناك جامع


(1) راجع محاضرات الفيّاض، ج 43 من موسوعة الإمام الخوئيّ، ص 17.

(2) على أنّه لو كانت المحمولات اعتباريّة فليكن الجامع بينها أيضاً اعتباريّاً، ويكفينا الجامع الحقيقيّ بين الموضوعات.