المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

500

المقيّد بما هو مقيّد، يلزم الانقلاب، ولكن يلزم حينئذ محذور حمل الخاصّ من حيث المفهوم على العامّ من حيث المفهوم(1)؛ إذ المحمول هو نفس المفهوم المأخوذ في الموضوع مقيّداً بقيد زائد، مع أنّ المحمول لا يجوز أن يكون أخصّ مفهوماً من الموضوع، بل يجب أن يكون مساوياً أو أعمّ، فيصحّ: «الإنسان حيوان»، ولا يصحّ «الحيوان إنسان».

وهذا البيان لو تمّ يدفع الحلّ والنقض معاً: أمّا الحلّ فلأنّه دار الأمر بين أحد محذورين: إمّا انقلاب القضيّة ضروريّة، أو حمل الخاصّ على العامّ. وأمّا النقض فلأنّه لو قيل: «الإنسان شيء له الكتابة»، لم يلزم حمل الأخصّ؛ لأنّه لم يؤخذ في المحمول نفس المفهوم المأخوذ في الموضوع، بل مفهوم أعمّ وهو شيء وقيد بالكتابة.

ولكنّ هذا الوجه أيضاً غير صحيح؛ إذ لا نقبل عدم جواز كون المحمول أخصّ مفهوماً من الموضوع. وتوضيح ذلك: أنّ هناك تصوّرين للقضيّة الحمليّة:

التصوّر الأوّل: أنّ دور الموضوع والمحمول في القضيّة الحمليّة واحد، وهو الفناء في وجود واحد، ويكون معنى حمل أحد المفهومين على الآخر ملاحظتهما بما هما مرآتان إلى الواقع الخارجيّ أو النفس الأمر، ونسبة كلّ واحد من المفهومين إلى هذا الواقع الواحد واحدة، فكلاهما يفنيان في الواقع بنهج واحد.

وبناء على هذا التصوّر يكفي في صحّة الحمل اتّحادهما في الوجود، سواء كان المحمول أخصّ مفهوماً من الموضوع أو بالعكس، أو لم يكن أحدهما أخصّ من


(1) أي: أنّ المحمول وإن لم يكن أخصّ من الموضوع مصداقاً فالمفروض أن يكون المقصود بالكاتب مثلاً ما يصدق على موضوعه، وهو الإنسان بتمام مصاديقه، كأن يكون المقصود: ما من شأنه الكتابة، ولكنّه أخصّ من الموضوع مفهوماً؛ لأنّه يشمل مفهوم الإنسان حسب الفرض زائداً قيد الكتابة.