المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

51

بين الوجود والعدم؟(1).

ويرد عليه: أنّ مقصود الفلاسفة من فرض موضوع للعلم ليس هو خصوص ما يكون جامعاً بين موضوعات المسائل حسب صياغاتها اللفظيّة، ونفس هؤلاء المستشكلين قد اعترفوا بصحّة دعوى وجود الموضوع بالنسبة إلى خصوص الفلسفة العالية، وقالوا: إنّ موضوعها هو الوجود، في حين أنّ الوجود في مسائل الفلسفة العالية حسب صياغتها اللفظيّة يكون محمولاً، فيقال مثلاً: الجوهر موجود، العرض موجود، النفس موجودة، الواجب موجود، العقل موجود، الفلك موجود... وهكذا.

فالمقصود من ثبوت الموضوع الواحد للعلم هو وجود نقطة محوريّة تدور حولها مسائل العلم وإن فرض أنّ تلك النقطة المحوريّة وقعت محمولاً في المسائل حسب مناسبات صياغة اللفظ، فكأنّما ترجع مسائل الفلسفة ـ لو أردنا أن نجعل الوجود موضوعاً ـ إلى قولنا: الوجود متعيّن بوجود جوهريّ، أو الوجود متعيّن بوجود عرضيّ، وهكذا، لكن مناسبات صياغة الكلام اقتضت أن نقول: الجوهر موجود، العرض موجود... إلى آخره. فليكن موضوع علم الفقه أيضاً هو الحكم وإن كان يقع الحكم محمولاً في المسائل بحسب الصياغة اللفظيّة، حيث يقال: الدم نجس، والخمر حرام، والصلاة واجبة... ونحو ذلك، فكأنّها ترجع إلى قولنا: الحكم متعيّن ومتحصّص بحصّة نجاسة الدم، أو حرمة الخمر، أو وجوب الصلاة... وهكذا، وكما يقال: إنّ موضوع علم الفقه هو أفعال المكلّفين مع أنّ الدم في قولنا: الدم نجس، ونحو ذلك ليس فعلاً من أفعال المكلّفين، وإنّما من الأعيان الخارجيّة.


(1) راجع أجود التقريرات، ج 1 المشتملة على تعليقات السيّد الخوئيّ(رحمه الله)، ص 4، تحت الخط، ومحاضرات الفيّاض، ج 43 من موسوعة الإمام الخوئيّ، ص 18.