المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

52

وتحقيق الكلام في هذا المقام هو: أنّ كلّ علم له نوع وحدة بين مسائله حتماً، وهذا واضح لا غبار عليه، كما أنّه من الواضح: أنّ هذه الوحدة ثابتة لذات العلم بغضّ النظر عن تدوين المدوّن وكتبه في الكتاب. وهذه الوحدة: إمّا وحدة في الموضوع، أو في المحمول، أو في النسبة بينهما، أو في الغرض.

فإذا كانت وحدة في الموضوع فقد ثبت المطلوب. وإذا كانت وحدة في المحمول جعلنا ذلك المحمول الواحد موضوعاً للعلم؛ لما عرفت من أنّ موضوع العلم ليس معناه الجامع بين ما جعل بحسب صياغة اللفظ موضوعاً للمسائل، وإنّما معناه: النقطة التي يدور حولها جميع مسائل العلم وإن فرضت محمولاً في المسائل. وإذا كانت وحدة في النسب فالنسب معاني حرفيّة لا يتصوّر جامع بينها إلاّ بتبع طرفيها، فرجعنا إلى الوحدة في الموضوع والمحمول، وإذا كانت وحدة في الغرض، فإن فرض الغرض عبارة عن النِسَب كما في التفسير الثاني من الغرض(1)، فوحدتها راجعة إلى وحدة الموضوع أو المحمول، أي: أنّ وحدة العلم نبعت من الموضوع أو المحمول، فقد رجعنا أيضاً إلى الفرضين السابقين، وإن فرض الغرض عبارة عن آثار حقيقيّة مسبّبة عن قواعد العلم، فليكن ذاك الغرض الواحد هو موضوع العلم، ويكون العلم باحثاً عن أسبابه، لما عرفت من أنّ موضوع العلم هو النقطة المحوريّة التي تدور حولها مسائل العلم، والبحث عن أسباب الشيء بحث عن العوارض الذاتيّة للشيء على ما سيأتي بيانه إن شاء الله، كما أنّ الموضوع في الفلسفة العالية هو الوجود مع أنّهم يبحثون فيه عن المبادئ القصوى للوجود، أي: عن سبب الوجود.


(1) أي: الأثر المترتّب على ذات العلم الثابت في وعائه المناسب له.