المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

68

وبعد أن اتّضح مقصودهم في المقام يمكن توجيه كلامهم ببيان: أنّ العلم بثبوت المحمول للموضوع على قسمين:

الأوّل: أن يكون مجرّد علم بالثبوت من دون العلم بالضرورة واستحالة العدم، كالعلم بفقر زيد مع إمكان غناه، وهذا العلم عندهم ليس برهانيّاً، وهو قابل للزوال؛ لعدم ضرورة الثبوت، وما لم يكن الثبوت ضروريّاً أمكن التشكيك فيه.

والثاني: هو العلم بالثبوت على أساس الضرورة واستحالة العدم، كالعلم بأنّ زوايا المثلث تساوي قائمتين، وهذا هو العلم البرهانيّ عندهم. ومن الواضح أنّ ثبوت المحمول للموضوع بالضرورة لا يكون إلاّ في العارض الذاتيّ بالمعنى الذي نحن بيّنّاه من الذاتيّة، فإنّما يكون المحمول ذاتيّاً وضروريّاً للموضوع إذا كان الموضوع هو المنشأ للمحمول بلا واسطة، أو كان منشأً للأوسط وكان الأوسط منشأً للمحمول، فالإشكال عليهم في هذه النقطة ينشأ من الغفلة عن مجموع ما ذكرناهما من المقدّمتين.

 

تطبيق فكرة العرض الذاتيّ على سائر العلوم:

وأمّا النقطة الثالثة: فقد ذكروا في المقام إشكالاً وحاروا في جوابه، وهو: أنّ كثيراً من مسائل العلوم تكون موضوعاتها أخصّ من موضوع العلم، فموضوع العلم مثلاً هو الجنس، وموضوع المسألة هو النوع، والعارض بواسطة أخصّ يعتبر عارضاً غريباً.

والجواب: ما عرفته من أنّ قاعدة كون العارض بواسطة أخصّ عارضاً غريباً يستثنى منها ـ بالبرهان ـ عروض الفصل على الجنس مع كلّ ما يعرض على الجنس بتبع عروض الفصل عليه.