المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

70

العلم يجب أن يكون منطبقاً على موضوعات مسائله. وكلا هذين الوجهين في تعريف الموضوع لا تتوفّر فيهما هذه النكتة، فترى أنّ موضوع الاُصول العمليّة هو الشكّ، وليس الشكّ داخلاً في الأدلّة الأربعة، وأبحاث الاستلزامات من قبيل بحث الملازمة بين وجوب الشيء ووجوب مقدّمته موضوعها هو التكليف، وليس التكليف من مصاديق الأدلّة الأربعة، فكلّ هذه الأبحاث لا يكون موضوعها داخلاً في موضوع علم الاُصول بحسب هذا التعريف بكلا وجهيه. وأمّا مسائل الحجج فبعضها لا ينطبق عليه شيء من الوجهين أيضاً من قبيل مبحث حجّيّة الشهرة، فإنّ الشهرة ليست من مصاديق الأدلّة الأربعة، وبعضها لا ينطبق عليه الوجه الأوّل وينطبق عليه الوجه الثاني من قبيل حجّيّة ظواهر الكتاب مثلاً، فلو كان الموضوع هي الأدلّة بما هي أدلّة لزم خروج هذا البحث عن علم الاُصول؛ لأنّ دليليّة الدليل وحجّيّته اُخذت جزءاً أو قيداً في الموضوع، فيجب أن تكون مفروغاً عنها في العلم، ولا يبحث عن موضوع العلم في نفس العلم، ولو كان الموضوع هي الأدلّة بما هي كان ذلك منطبقاً على هذا البحث؛ لأنّ ظواهر الكتاب داخلة في الكتاب. وأمّا حجّيّة خبر الواحد فقد يقال: إنّها خارجة عن كلا الوجهين؛ لأنّ خبر الواحد ليس كتاباً ولا عقلاً ولا إجماعاً ولا سنّة؛ لأنّ السنّة إنّما هي نفس قول المعصوم وفعله وتقريره، لا الخبر الحاكي عنه، وقد يقال: إنّها خارجة عن الوجه الأوّل فقط؛ لأنّ البحث فيها عن دليليّة الدليل، ولكن الوجه الثاني ينطبق عليها؛ وذلك ببركة إحدى عنايات يذكرونها، لعلّ أسهلها هو توسيع نطاق السنّة للخبر الحاكي.

فتحصّل: أنّ علم الاُصول بناءً على هذين الوجهين لتعريف موضوعه يخرج عنه كثير من أبحاثه. نعم، قد تدخل فيه مباحث الألفاظ من قبيل دلالة صيغة الأمر للوجوب، فإذا فرض أنّ موضوع مسألة دلالة الأمر على الوجوب مثلاً هو الأمر