المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

72

الثالث: أنّ مسائل الاُصول ـ كما بيّنّا في التعريف ـ عبارة عن القواعد المشتركة في القياس الفقهيّ، أي: ذلك القياس الذي ينجّز أو يعذّر عن الواقع، فالقواعد الاُصوليّة ليست عبارة عن نفس حجّيّة خبر الواحد أو البراءة أو الاستصحاب ونحو ذلك بوجودها الواقعيّ؛ لأنّها بوجودها الواقعيّ لا تنجّز ولا تعذّر، وإنّما القواعد الاُصوليّة عبارة عن إثباتات هذه العناوين، فإنّها إنّما تقع في قياس الاستنباط بوجودها الواصل لا بثبوتها في اللوح المحفوظ.

وبهذا يتّضح: أنّ كون موضوع علم الاُصول الأدلّة الأربعة في غاية الوجاهة، فإنّ تلك القواعد المشتركة التي تثبت في علم الاُصول لا تثبت طبعاً بنفس تلك القواعد؛ فإنّ هذا خلف، بل تثبت بمرجع فوقانيّ ثابتة حجّيّته قبل العلم، فيكون هو المصدر لإثبات القواعد المشتركة: إمّا مباشرة أو بالواسطة، وكان ذلك المصدر الفوقانيّ في نظرهم عبارة عن الأدلّة الأربعة، وإن كنّا نحن لا نقبل ذلك فعلاً في الإجماع، ونقول: إنّ حجّيّته ليست مفروغاً عنها قبل علم الاُصول، وإنّما هي من أبحاث علم الاُصول. وقد بيّنّا أنّ المحمول لا يلزم أن تكون نسبته إلى الموضوع نسبة الحال إلى المحلّ، بل قد تكون نسبة المعلول إلى العلّة، وهذه الأدلّة هي العلّة لإثبات القواعد المشتركة التي يتكلّم عنها في علم الاُصول، فكما يقال في


ولكان الله تعالى موضوعاً لكلّ العلوم التي تتحدّث عن أيّ شيء في العالم؛ لأنّ الله تعالى منشأٌ لها جميعاً.

وعليه، فالصحيح هو جعل موضوع علم الاُصول العناصر المشتركة للاستنباط كما ورد في الحلقات الثلاث لاُستاذنا الشهيد(قدس سره) لا خصوص الأدلّة الأربعة أو الثلاثة، فإنّ جميع ما في علم الاُصول هو بحث عن العوارض المشتركة.