المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

89

فرع التعهّد، والتعهّد معناه: إرادة الإتيان باللفظ عند قصد المعنى، فأصبحت إرادة اللفظ عند قصد المعنى موقوفة على دلالة اللفظ على المعنى، وهذه الدلالة موقوفة على تلك اللإرادة، وهذا دور.

وإن قيل: إنّها إرادة نفسيّة، قلنا: إنّ الإرادة النفسيّة للّفظ تحتاج إلى غرض نفسيّ في الإتيان باللفظ بغضّ النظر عن تفهيم المعنى، في حين لا يوجد أيّ غرض نفسيّ في ذلك، وإنّما الغرض من الإتيان باللفظ هو تفهيم المعنى. إذن، فإرادة اللفظ مقدّميّة حتماً، فيتسجّل إشكال الدور.

وقد يجاب(1) على هذا الإشكال بأنّه توجد عندنا إرادتان للّفظ: إحداهما إرادة جزئيّة للّفظ، وهي تحصل حين الاستعمال، والاُخرى إرادة كلّيّة تتعلّق على نحو القضيّة الحقيقيّة بهذه القضيّة الشرطيّة، وهي أنّه متى ما قصد المعنى أتى باللفظ، وهذه الإرادة تحصل عند الوضع، والإرادة الموقوفة على الدلالة هي الإرادة الاُولى، والإرادة الموقوفة عليها الدلالة هي الإرادة الثانية، فلا دور(2).

إلاّ أنّ هذا الجواب بهذا اللسان غير تامّ؛ إذ إنّ هذه الإرادة الكلّيّة هي عين الإرادات الجزئيّة إلاّ أنّها تقديريّة، فعندنا إرادة واحدة تكون قبل تحقّق الشرط تقديريّة وشرطيّة، وبعد تحقّقه فعليّة، وذلك من قبيل: أنّ كلّ إنسان يريد أن يشرب الماء حين يعطش، فهذه الإرادة ثابتة قبل العطش وحين العطش إلاّ أنّها قبل العطش تقديريّة نعبّر عنها بقضيّة شرطيّة، وحين العطش فعليّة نعبّر عنها بقضيّة تنجيزيّة،وكلاهما تعبيران عن إرادة واحدة، وليست هنا إرادة جديدة تحدث حين


(1) راجع المصدر السابق.

(2) هذا جواب للشيخ الإصفهانيّ(رحمه الله). راجع نهاية الدراية، ج 1، ص 48 بحسب طبعة آل البيت.