المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

90

العطش.

والصحيح في الجواب: أنّ التعهّد ليس من سنخ الإرادة، بل من سنخ الالتزام وجعل المسؤوليّة على نفسه من قبيل النذر، وهو فعل نفسيّ يكون بنفسه ذا مصلحة، ومصلحته حصول الدلالة للّفظ، حيث يقول أصحاب مبنى التعهّد: إنّ هذا التعهّد يجعل اللفظ دالاًّ على المعنى.

فظهر: أنّ هذا الإشكال المشهور غير وارد على مسلك التعهّد. والصحيح في ردّ هذا المسلك هو ما مضى في الكلمتين السابقتين.

هذا تمام الكلام في مسلك التعهّد.

 

مسلك الاعتبار:

وأمّا المسلك الثاني: وهو مسلك الاعتبار، فيتشعّب إلى عدّة شعب على أساس اختلاف أرباب هذا المسلك فيما تعلّق به الاعتبار، فهنا عدّة وجوه يُفرض ما هو المُعتبر ـ أي: متعلّق الاعتبار ـ في بعضها غير ما هو المعتبر في البعض الآخر:

الوجه الأوّل: أنّ متعلّق الاعتبار في الأوضاع اللُغويّة هو الوضع الخارجيّ، وتوضيح ذلك:

إنّه لا إشكال في أنّ وضع شيء على شيء خارجاً يكون في كثير من الأحيان دالاًّ على شيء، فمثلاً ينصبون الأعلام على الأرض في أمكنة متباعدة بين فرسخ وفرسخ مثلاً لتعيين رؤوس الفراسخ، أو يُنصب علم على بئر لمعرفة وجود البئر هنا ونحو ذلك. وفي باب الأوضاع اللغويّة أيضاً يقصد وضع شيء على شيء، أي: وضع اللفظ على المعنى لتتمّ الدلالة، إلاّ أنّ الوضع الخارجيّ غير ممكن هنا حقيقة، فيوجد هذا الوضع الخارجيّ اعتباراً، أي: يعتبر أنّ اللفظ وضع على المعنى فتتمّ