المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

93

الخارجيّ الموجود في مثل وضع العلَم على الأرض للدلالة على شيء، ولكنّنا نحن ننقل الكلام إلى نفس موارد الوضع الخارجيّ الحقيقيّ لكي نرى هل أنّ وضع العلَم على مكانه بذاته ـ بلا أيّ مؤونة اُخرى ـ يدلّ على رأس الفرسخ أو على وجود البئر أو السبع ونحو ذلك؟ طبعاً لا؛ ولهذا ترى لو أنّ النائم ونحوه جعل العَلَم من دون وعي على مكان لم يدلّ على شيء. إذن، فهذه الدلالة تكون ببركة ضمّ مؤونة اُخرى من بناء نفسيّ مثلاً على جعل الأعلام على رؤوس الفراسخ، أو من شيء آخر. فإذا كان الوضع الخارجيّ بوجوده الحقيقيّ لا يدلّ وحده على شيء فما ظنّك بوجوده الاعتباريّ؟! إذن، فلابدّ من صرف عنان الكلام إلى معرفة حقيقة تلك المؤونة الاُخرى التي لولاها لا تتمّ الدلالة.

الوجه الثاني: أنّ المعتبر هو كون اللفظ نفس المعنى. فلفظة « أسد » مثلاً وإن كانت حقيقة غير واقع الحيوان المفترس لكن الواضع يعتبر اللفظ عين المعنى لكي تتمّ بذلك الدلالة(1).

 


(1) من الطريف: أنّ بعض الكتابات فرضت أنّ العلاقة الوضعيّة عبارة عن حصول الهوهويّة الحقيقيّة أو التوحّد الحقيقيّ بين صورة اللفظ وصورة المعنى، وأنّه على هذا الفرض يتمّ ما يقال من فناء اللفظ في المعنى أو مرآتيّته له. أمّا اعتبار هو هو أو تخصيص اللفظ بالمعنى أو جعل الملازمة بينهما أو التعهّد أو نحو ذلك فكلّها من مقدّمات تحقّق الهوهويّة بين صورتَي اللفظ والمعنى، وقد أعرض وأطول في إثبات ذلك بالشواهد والأدلّة (راجع الرافد، ج 1 المدّعى كونه تقريراً لبحث آية الله السيّد السيستانيّ حفظه الله، ص 144 فصاعداً).

وطبعاً هو لا يقصد التوحّد بين واقع اللفظ وواقع المعنى الخارجيّين، فإنّ بطلان ذلك من أوضح الواضحات، وإنّما يقصد التوحّد بين صورتيهما الذهنيّة. ولا أدري كيف