المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

10

العريض لا يناسب أن يكون مدلولاً لكلمة الأمر، فقد ذكر المحقّق النائينيّ (رحمه الله)(1): أنّ الشيء يطلق على الجوامد، فيقال مثلاً: «زيد شيء من الأشياء» بينما لا يطلق الأمر عليها، فلا يقال: «زيد أمر من الاُمور» ومن هنا ذكر: أنّه لا يبعد أن يكون هذا الجامع أضيق من دائرة الشيء، وهو الواقعة أو الحادثة، وأحياناً يذكر: أنّه الواقعة المهمّة والحادثة المهمّة. ونظير ذلك ذكره المحقّق الإصفهانيّ (رحمه الله)، فرأى «أنّ ما يناسب أن يكون معنىً للأمر هو الفعل لا الشيء بعرضه العريض»(2)، والفعل مع الواقعة أو الحادثة متقاربا المفهوم.

والصحيح: أنّ مدلول كلمة الأمر ـ بحسب المستفاد من موارد الاستعمال في غير الطلب ـ وإن كان لا يساوق مفهوم الشيء بعرضه العريض، لكنّه ليس أيضاً مضيّقاً بقدر ضيق مفهوم الواقعة والحادثة المهمّة أو الفعل، بل أمرٌ بين الأمرين، فإنّه من الواضح صحّة استعمال الأمر في موارد لا أهمّيّة فيها، ولا حدوث ووقوع، ولا فعل، فيقال: «كلام فلان أمر غير مهمّ»، ولا يُرى في هذا تناقض، ويقال: «اجتماع المتناقضين أمر محال» أو «شريك الباري أمر محال»، أو «عدم مجيء زيد أمر عجيب» مع أنّ هذه الاُمور اثنان منها مستحيل، والآخر أمر عدميّ، وليست من الوقائع والحوادث أو الأفعال، بل نحن نرى ـ بحسب الحقيقة ـ أنّ كلمة الأمر تستعمل في الجوامد أيضاً حينما تكون من قبيل أسماء الأجناس، فيقال مثلاً: «النار أمر ضروريّ في الشتاء». نعم، العَلَم بالذات أو بالعرض (أي: ما كان عَلَماً بالإشارة) لا يقال عنه: إنّه أمر، فمفهوم الأمر مساوق لمفهوم الشيء مع شيء



(1) أجود التقريرات، ج 1، ص 86 بحسب الطبعة المشتملة على حاشية السيّد الخوئيّ (رحمه الله).

(2) نهاية الدراية، ج 1، ص 146 بحسب طبعة مطبعة الطباطبائيّ بقم.