المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

100

إذا عرفت هذا فنقول:

إنّنا لتحقيق ما هو معنى صيغة الأمر نذكر ابتداءً ملخّصاً عمّا ذكرناه في الجملةالفعليّة من قبيل «ضرب» و«يضرب» حتّى نأتي بعد ذلك إلى «اضرب» التي هي أيضاً جملة فعليّة.

فقد مضى: أنّ الجملة الفعليّة من قبيل «ضرب» تدلّ على النسبة الصدوريّة بين الفعل والفاعل بالنحو المناسب لذلك الفاعل من فاعليّته لذلك الفعل، ولكن لا ينبغي أن يتخيّل أنّ هذه هي تمام ما تفيده جملة «ضرب زيد» من النسب؛ لأنّ «ضرب زيد» جملة تامّة يصحّ السكوت عليها بلا إشكال، بينما النسبة الصدوريّة بين الفعل والفاعل نسبةٌ وعاؤها الأصليّ هو عالم الحقيقة لا الذهن، وقد برهنّا على أنّ كلّ نسبة من هذا القبيل يستحيل أن تكون تامّة، بل هي نسبة تحليليّة ناقصة ذهنيّة، إذن ففي «ضرب زيد» توجد نسبتان: إحداهما: نسبة ناقصة مستفادة من هيئة الفعل بين الفعل وذات ما، والاُخرى: نسبة تامّة بين ذات ما وزيد مستفادة من هيئة الجملة، أي: الفعل والفاعل، وقد وضّحنا: أنّ النسبة التامّة عبارة عن النسبة التصادقيّة، أي: نسبة التصادق بين مفهومين بما هما فانيان في عالم الخارج، فالنسبة التامّة في «ضرب زيد» نسبة تصادقيّة بين ذات ما وزيد، فكأنّما قال: إنّ الذات التي صدر منها الضرب هو زيد، وقلنا: إنّ هذا ما يسوق إليه البرهان في مقام تحصيل مفاد «ضرب زيد»، وبيّنّا: أنّ النسبة التصادقيّة لا تكون بين المفهومين بما هما مفهومان في عالم اللحاظ، فإنّهما في عالم اللحاظ متغايران، وإنّما هي نسبة تصادقيّة بين المفهومين بما هما فانيان، ومن هنا يأتي الفرق بين «ضرب زيد» و«هل ضرب زيد؟» ونحو ذلك، حيث إنّ المفنيّ فيه يختلف، فالمفنيّ فيه في «ضرب زيد» هو وعاء الخارج، وفي الاستفهام هو وعاء