المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

102

الاحتمال الثاني: أن يكون الفرق بلحاظ النسبة الناقصة التي هي مدلول هيئة الفعل، فهيئة «ضرب» موضوعة للنسبة الصدوريّة بين الفعل وذات ما، بينما هيئة الأمر موضوعة للنسبة الإرساليّة، أو الإلقائيّة، أو الدفعيّة، أو التحريكيّة ونحو ذلك من التعابير.

وتوضيح ذلك: أنّ الإلقاء له فرد حقيقيّ تكوينيّ، وذلك كما لو دفع شخص زيداً بيده فألقاه على الأرض، أو على أيّ عين اُخرى غير الأرض، وله فرد عنائيّتكوينيّ كما لو دفعه بيده نحو عمل، وذلك كَأن يلقيه بالدفع على الكتاب أو الدفتر، لكي يطالع أو يكتب، فهذا ـ في الحقيقة ـ إلقاء على العين وهو الكتاب أو الدفتر، لكنّه بنحو من العناية يصدق عليه أنّه إلقاء نحو المطالعة والكتابة ودفع نحوها، وهذا الدفع يولّد ربطاً ونسبة مخصوصة بين المدفوع وهو زيد، والمدفوع نحوه وهو المطالعة، وهذه النسبة نسمّيها بالنسبة الإرساليّة، أو الدفعيّة، أو التحريكيّة، وحينئذ يقال: إنّ مفاد «افعل» عبارة عن هذه النسبة الإلقائيّة، والإرساليّة، فحينما نريد أن نعبّر عن النسبة الصدوريّة بين زيد والمطالعة نقول: «طالع زيد»، وحينما نريد أن نعبّر عن النسبة الإرساليّة بينهما نقول: «طالع يا زيد»، وحيث إنّ دفعه باليد على الكتاب مثلاً معلول عادة لإرادة المطالعة فهيئة «افعل» الموضوعة لهذه النسبة تدل دلالة تصوّريّة بالمطابقة على هذه النسبة الإرساليّة، وتدلّ دلالة تصوّريّة بالملازمة وفي طول الدلالة الاُولى على الإرادة، من قبيل: أنّ لفظ «الشمس» تدلّ تصوّراً بالمطابقة على القرص، وبالملازمة على النهار؛ ولذا حتّى لو سمعنا من الجدار لفظة «اضرب» ينتقش في ذهننا تلك النسبة وتلك الإرادة، ويوجد وراء المدلولين التصوّريّين مدلول تصديقيّ وهو الكشف عن وجود الإرادة.

وأمّا الطلب، فإن قلنا بأنّه عين الإرادة، فقد عرفت حاله، وإن قلنا بأنّه غير الإرادة، فالشوق النفسانيّ بمجرّده لا يصدق عليه أنّه طلب، وإنّما الطلب ـ على ما