المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

108

والجواب أوّلاً: أنّ صيغة الأمر في مرحلة المدلول التصديقيّ تكون دالّة على الإرادة لا محالة، فيصحّ جريان الإطلاق وإثبات الفرد الشديد بهذا اللحاظ.

وثانياً: أنّه قد مضى: أنّ صيغة الأمر تدلّ تصوّراً على النسبة الإرساليّة أوّلاً، وعلى الإرادة ثانياً وبالملازمة، فليجرِ الإطلاق بهذا اللحاظ.

وأمّا المسلك الثالث: وهو الوضع، فأيضاً قد يشكّك في ذلك في المقام، وذلك لما عرفت: من أنّ الإرسال والإلقاء ليس كالإرادة منقسماً إلى قسمين ومرتبتين بلحاظ الوجوب والاستحباب، حتّى يفترض وضع الصيغة للنسبة الإرساليّة الشديدة مثلاً.

ويمكن دفعه بأنّ الإلقاء وإن كان لايتحصّص بلحاظ نفس الإلقاء بما هوهو إلى شديد وضعيف، ولكن يتحصّص بلحاظ منشئه؛ إذ قد ينشأ من إرادة شديدة، واُخرى من إرادة خفيفة، فبالإمكان افتراض كون صيغة الأمر موضوعة لنسبة الإرسال الناشئ من الإرادة الشديدة، فإذا أصبح المدلول التصوّريّ الوضعيّ عبارة عن ذاك الفرد الناشئ من الإرادة الشديدة، كان مقتضى أصالة التطابق بين المدلول التصديقيّ والتصوّريّ الكشف عن وجود إرادة شديدة في نفس المولى.

هذا، ونحن في مبحث مادّة الأمر وإن قلنا: إنّه لا يمكن الاستغناء عن دعوى الوضع في مقام استفادة الوجوب؛ لعدم تماميّة مسلك الإطلاق ولا مسلك العقل، إلّا أنّه في صيغة الأمر يمكن الاستغناء عن الوضع، وذلك بأن يقال: إنّ الإلقاء الذي هو أمر تكوينيّ خارجيّ يستبطن طبعاً سدّ كلّ أبواب العدم؛ فإنّ الإلقاء معناه: قهره وجرّه نحو الفعل جرّاً، وهذا لا يكون إلّا بسدّ تمام أبواب العدم، فإذا صدرت صيغة «افعل» واستفدنا من ظاهر حال المولى وكلامه أنّه في مقام الدفع التشريعيّ، قلنا: إنّ المدلول التصوّريّ هو الإلقاء التكوينيّ، والإلقاء التكوينيّ يستبطن سدّ تمام أبواب العدم، والمدلول التصديقيّ هو الدفع التشريعيّ، ومقتضى