المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

109

أصالة التطابق بين المدلول التصديقيّ والمدلول التصوّريّ هو كون الدفع التشريعيّ سدّاً لتمام أبواب العدم، وسدّ تمام أبواب العدم في عالم التشريع معناه الوجوب، فهذا يكون وجهاً لاستفادة الوجوب بالإطلاق ومقدّمات الحكمة، لكن بتقريب أصالة التطابق بين المدلول التصوّريّ والتصديقيّ، لا بتقريب آخر.

هذا حال الصيغة، وفي مادّة الأمر أيضاً يمكن دعوى: أنّ العرف يستفيد منها معنى الدفع والإلقاء، فيأتي نفس التقريب(1).



(1) في دلالة مادّة الأمر تصوّراً على معنى الدفع أو الإلقاء التكوينيّ تأمّل واضح، فلو تمّ ذلك في صيغة الأمر بالبيان الذي عرفته في المتن من اُستاذنا (رحمه الله)، فالتعدّي منها إلى المادّة لا وجه له، بل المتعيّن عندئذ هو التفصيل بين مادّة الأمر وصيغته، بدعوى دلالة الصيغة بالبيان الماضي عن اُستاذنا على الوجوب بالإطلاق، وعدم دلالة المادّة عليه إلّا بالوضع.

وهنا نشير إلى أمرين:

الأمر الأوّل: أنّه لو تمّت الدلالة الإطلاقيّة في الصيغة، أو فيها وفي المادّة على الوجوب، فهذا لا يعني ضرورة إنكار الدلالة على الوجوب وضعاً؛ إذ لا مانع من اجتماع الدلالة الوضعيّة مع نكتة الإطلاق في مورد واحد، بحيث يقال: لو لم تتمّ الدلالة الوضعيّة، إذن لتمّ الإطلاق، ولكن تشخيص ذلك في المقام لا يخلو من صعوبة؛ وذلك لأنّ الدليل الوحيد على الوضع والحقيقة هو التبادر، فإذا تمّت نكتة الإطلاق فكيف نجزم بالوضع مع احتمال كون التبادر مستنداً إلى الإطلاق؟

وهناك محكّان قد يمكن أن يميّز بأحدهما الوضع للوجوب وعدمه:

المحكّ الأوّل: أن نفحص عن مورد لا يكون المولى في مقام البيان، فلا يتمّ فيه الإطلاق، لنرى: هل يتمّ التبادر هناك أم لا، فلو تمّ التبادر كان آية الوضع.

إلّا أنّ تطبيق هذا المحكّ في غاية الصعوبة؛ وذلك لأنّه لو عُرف أنّ المولى لا يريد