المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

111



خارجاً سواء تصوّرها أحد أو لا، والثانية ذهنيّة المنشأ؛ لأنّ النسبة التصادقيّة محلّها الذهن فحسب، وأمّا ما في الخارج فهو الاتّحاد لا التصادق. وقد مضى في بحث المعاني الحرفيّة البرهان على أنّ النسبة التي تكون خارجيّة المنشأ تكون ناقصة، والتي تكون ذهنيّة المنشأ تكون تامّة، ثُمّ برهن (رحمه الله) على بطلان كون الفرق بين «اضرب» و«ضرب» في النسبة التامّة بدليل إحساسنا بالفرق بينهما قبل فرض إكمالهما بملاحظة الفاعل، فانحصر الأمر في أن يكون الفرق بين الصيغتين في النسبة الناقصة، وذلك لا يكون إلّا بمعنى: أنّ النسبة الناقصة في «ضرب» هي الصدوريّة، وفي «اضرب» هي البعثيّة أو الإرساليّة، وبهذا البيان تعيّن أن تكون النسبة البعثيّة أو الإرساليّة ناقصة، في حين أنّ الذي يبدو بادئ الأمر في النظر أن تكون تلك نسبة تامّة؛ لأنّ نسبة البعث الموجودة في باب الأمر إنّما هي أمر ذهنيّ، وليست أمراً خارجيّاً، وهي من مخلوقات عالم ذهن الآمر ابتداءً، وليست محاكاة لما في الخارج، ومن هنا حاول اُستاذنا الشهيد (رحمه الله)إرجاع هذه النسبة إلى أمر يحاكي ما في الخارج، فافترض: أنّ النسبة البعثيّة هنا محاكاة للنسبة البعثيّة الموجودة في الدفع والإلقاء التكوينيّين، وبما أنّ الدفع والإلقاء التكوينيّين يسدّان جميع أبواب العدم فبمقتضى أصالة التطابق بين المدلول التصوّريّ والمدلول التصديقيّ يثبت أنّ النسبة البعثيّة التشريعيّة التي هي المدلول التصديقيّ للأمر أيضاً تسدّ جميع أبواب العدم، إلّا أنّ سدّ البعث التكوينيّ لجميع أبواب العدم كان تكوينيّاً، وسدّ البعث التشريعيّ لجميع أبواب العدم يكون تشريعيّاً، وليس سدّ جميع أبواب العدم تشريعاً إلّا بالوجوب، فهذا نوع بيان للإطلاق لإثبات الوجوب.

أقول: إنّ حصر الفرق بين «اضرب» و«ضرب» في الوجهين الماضيين غير حاصر، والأقرب إلى الذهن من ذلك في النظر هو: أنّ نفس النسبة البعثيّة نسبة تامّة تدلّ عليها