المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

117

قبل المتكلّم، فكما قد يتعلّق بها التصديق والإخبار كذلك قد يتعلّق بها الطلب والإرادة، فكما قد يكون المدلول التصديقيّ هو الأوّل كذلك قد يكون المدلول التصديقيّ هو الثاني بلا حاجة إلى ضمّ دلالة تصوّريّة على النسبة الإرساليّة؛ لأنّ الطلب والإرادة يتعلّق ابتداءً بالنسبة الصدوريّة كما يتعلّق بها الإخبار والحكاية.

إلّا أنّ هذا يحتاج إلى إعمال رويّة لنعرف أنّه إذن ما هي العناية؟ إذ قد يتبادر إلى الذهن أنّه لا توجد عناية في ذلك، فإنّ النسبة الصدوريّة قد يتعلّق بها التصديق، واُخرى يتعلّق بها الطلب، وكلاهما أمر زائد على النسبة الصدوريّة.

إلّا أنّ جواب ذلك: أنّ المؤونة موجودة هنا أيضاً؛ لأنّ التصديق بالنسبة، والكشف عنها، والعلم بها دائماً هو طريق محض إلى النسبة، لا يرى بها إلّا المعلوم والمنكشف، فكأنّه لا يزيد عليه، بينما الإرادة ممّا يُرى مستقلاًّ، لا ممّا يُرى به، فكأنّها تزيد على النسبة(1) وإن كان بالدقّة كلاهما أمراً زائداً على النسبة.

فهذه وجوه أربعة لتخريج دلالة الصيغة الإخباريّة على الطلب مع إبراز العناية الكامنة في ذلك.

وأقرب هذه الوجوه مالم تكن قرينة على أحدها بالخصوص هو الوجه الأوّل؛ لأنّ ذاك الوجه يُحافظ فيه على الدلالة التصديقيّة الخبريّة، غاية ما هناك: أنّه تقيّد فيه مادّة الفاعل، بينما في سائر الوجوه يرفع اليد عن أصل ظهور الجملة الخبريّة في المدلول التصديقيّ الإخباريّ. وكلّما دار الأمر بين رفع اليد عن أصل ظهور الجملة أو تقييد المادّة، قدّم الثاني، فالوجه الأوّل هو الموافق للصناعة لولا قرينة



(1) وهذه مؤونة قويّة تجعل هذا الوجه أبعد من كلّ الوجوه السابقة.