المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

12

النائينيّ (رحمه الله) على ما يظهر من عبارة تقريرات بحثه، فإنّه بعد أن ذكر: أنّ كلمة الأمر لها معنيان: الطلب والواقعة أو الحادثة قال: يمكن القول بأنّ الطلب ليس معنىً براسه في مقابل الواقعة، بل مصداق من مصاديق الواقعة، فمعنى الأمر إنّما هو الواقعة أو الحادثة(1).

وهذا الاحتمال ساقط أيضاً؛ وذلك لأمرين:

الأوّل: أنّ الطلب لو كان يطلق عليه الأمر بلحاظه مصداقاً للواقعة، إذن لما كان فرق بين الطلب التشريعيّ من الغير والطلب التكوينيّ. وتوضيح ذلك: أنّ الطلب على قسمين: أحدهما الطلب التشريعيّ، وهو الطلب من الغير، كأن يطلب زيد أن نأتي له بالماء، والآخر الطلب التكوينيّ، كما في قولنا: «زيد يطلب العلم أو المال»، ومن الواضح: أنّ الأمر حينما يستعمل بمعنى الطلب يستعمل في الطلب التشريعيّ، فيقال: «زيد يأمر بإتيان الماء» دون التكوينيّ، فلا يقال: «زيد يأمر بالعلم أو المال»، ولو كان استعماله للطلب باعتباره مصداقاً للواقعة، لما كان في ذلك فرق بين الطلبين، فإنّ الطلب التكوينيّ أيضاً واقعة(2).

الثاني: أنّ الأمر بمعنى الطلب يتعدّى إلى متعلّق الطلب، أعني: المطلوب ولو بالباء، فيقال: «أمرٌ بالصلاة»، كما أنّ الطلب يتعدّى إلى متعلّقه، فيقال: «طلب الصلاة»، بينما الواقعة أو الحادثة لا تتعدّى إلى متعلّق الطلب، فلا يقال بدلاً عن



(1) بقيد أن تكون لها أهمّيّة. راجع أجود التقريرات، ج 1، ص 86 بحسب الطبعة المشتملة على حاشية السيّد الخوئيّ (رحمه الله).

(2) ومن الطريف أنّ المحقّق الإصفهانيّ (رحمه الله) يميل إلى كون الأمر بمعنى الجامع بين الطلب التشريعيّ والطلب التكوينيّ. راجع نهاية الدراية، ج 1، ص 145 ـ 147 بحسب طبعة مطبعة الطباطبائيّ بقم.