المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

120

الاستشكال في استعمال الفعل الماضي في مقام الطلب في الجملة من دون أن يقع جزاءً للشرط، وكيف لا مع أنّ من الشائع مثل قولنا: «غفر الله لك» أو «رحمك الله وأثابك» أو «عافاك الله» ونحو ذلك، ومن المعلوم أنّه ليس المقصود الإخبار، بل الطلب والسؤال. نعم، لا إشكال في أنّ هذا غير مطّرد، فلا يقول المولى لعبده: «صلّيت» أو «صمت» في مقام الأمر بالصلاة أو الصوم، ولكن يقول له: «تصلّي» و«تصوم»، والسرّ في ذلك: أنّ الطلب يوجد فيه النظر الاستدعائيّ، وكون هذا الطلب هو السبب لتحقّق الفعل، وهذا لا يناسب بحسب الارتكاز العرفيّ مع فرض الفراغ عن تحقّقه ومضيّه الذي هو مفاد الفعل الماضي، والذي يكون أيضاً ببعض المعاني مفاد الجملة الاسميّة. نعم، حينما يقلب الماضي إلى شبه المضارع كما في جزاء القضيّة الشرطيّة، حيث أصبح تعليقيّاً صحّ استعماله في مقام الطلب، وأمّا مثل «غفر الله لك» أو «عافاك الله» الذي يستعمله العبد في مقام الطلب من المولى فكأنّه تأدّباً وتعظيماً للمولى بغضّ النظر عن كون طلبه هو السبب لنشوء الفعل من المولى، فيرتفع التهافت بين النظرتين.

دلالة الجملة الخبريّة على الوجوب أو الجامع بين الوجوب والاستحباب:

وأمّا المقام الثاني: وهو أنّه بعد تخريج دلالة الجملة الإخباريّة على الطلب بأحد الوجوه التي عرفت فهل تقتضي خصوص الوجوب، أو الجامع بين الوجوب والاستحباب؟

لابدّ في ذلك من مراجعة ما عرفته من وجوه تخريج دلالتها على الطلب، فنقول:

أمّا على الوجه الأوّل: فالجملة الإخباريّة في مقام الطلب تكون ظاهرة في الوجوب؛ وذلك لأنّ العناية في الوجه الأوّل كانت عبارة عن تقييد الفاعل، بمن