المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

121

يطبّق عمله على وفق الشريعة، وتشتدّ هذه العناية لو فرض الطلب استحبابيّاً؛ إذ ليس كلّ من يطبّق عمله على وفق الشريعة يعمل بالمستحبّات، فلابدّ من إضافة في تقييد الفاعل، بأن يفرض أنّه يخبر عن حال من يطبّق عمله على وفق الشريعة حتّى في الأمر الاستحبابيّ، حتّى لا يكون كذباً.

وأمّا على الوجه الثاني: فأيضاً تكون الجملة الخبريّة للطلب ظاهرة في الوجوب؛ وذلك لأنّه فرض في ذلك الوجه سلوك مسلك الكناية والإخبار عن الشيء بلسان الإخبار عن لازمه، حيث إنّ النسبة الصدوريّة كثيراً ما تنشأ من طلب المولى، ومن الواضح: أنّ هذه الملازمة فيما إذا كان الطلب وجوبيّاً تكون أقوى وآكد منها حينما يكون استحبابيّاً، بل يمكن أن يقال بعدم الملازمة في الاستحباب لشيوع ترك الناس حتّى المتشرّعة للمستحبّات.

وأمّا على الوجه الثالث: فأيضاً تكون الجملة الخبريّة للطلب ظاهرة في الوجوب؛ وذلك لأنّ المفروض فيه هو انتقال الذهن بالملازمة من المدلول التصوّريّ المطابقيّ ـ وهو النسبة الصدوريّة ـ إلى مدلول تصوّريّ التزاميّ وهو النسبة الإرساليّة، فإذا دلّت الجملة تصوّراً ـ ولو بالملازمة ـ على النسبة الإرساليّة، جاء البيان الأخير الذي بيّنّاه في دلالة صيغة «افعل» على الوجوب: من أنّ الإرسال التكوينيّ يستبطن سدّ جميع أبواب العدم تكويناً، فمقتضى أصالة التطابق بين الإرسال التكوينيّ المدلول عليه بالصيغة تصوّراً والتسبيب التشريعيّ المدلول عليه بالصيغة تصديقاً هو الحمل على الوجوب؛ لأنّ سدّ جميع أبواب العدم تشريعاً عبارة عن الإيجاب(1).



(1) هذا البيان منسجم مع طريقة اُستاذنا (رحمه الله) في فهم الطلب والوجوب من صيغة