المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

14

اعتبار العلوّ أو هو مع الاستعلاء أو الجامع بينهما

في مادّة الأمر

الجهة الثانية: أنّ معنى مادّة الأمر هل يعتبر فيه العلوّ، أو مع الاستعلاء، أو الجامع بينهما، أو لا يعتبر شيء من ذلك؟

وهذا البحث تارةً يساق بلحاظ كون الأمر موضوعاً لحكم العقل بوجوب الطاعة، بأن يقال: إنّ موضوع حكم العقل بوجوب الطاعة هل هو الأمر مع العلوّ، أو الاستعلاء، أو لا؟ وهذا بحث عقليّ صرف لا بحث في المعنى اللغويّ. ومن الواضح: أنّه حينئذ لا معنىً للنزاع؛ إذ من المعلوم أنّ الموضوع لحكم العقل إنّما هو أمر المولى، والمولويّة هي العلوّ الحقيقيّ، فيكون أمره موضوعاً لوجوب الإطاعة ولو كان بلا استعلاء، وكان بلسان (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللّهَ قَرْضَاً حَسَنَاً)(1)، وإن لم يكن من المولى لم تجب الطاعة.

واُخرى يساق بلحاظ المعنى اللغويّ للأمر، وفائدته فقهيّة فقط لا اُصوليّة، فقد يقال مثلاً: لو ورد «يجب إطاعة أمر الوالدين»، فهنا تظهر الثمرة؛ إذ يترتّب على هذا البحث تشخيص موضوع وجوب الطاعة للوالدين، وأنّه هل يشترط فيه الاستعلاء مثلاً، أو لا على إشكال في هذه الثمرة؛ إذ من الواضح عرفاً ـ بمناسبات الحكم والموضوع ـ: أنّه يفهم من دليل وجوب إطاعة الوالدين أنّ نكتة المطلب ليس هو تجبّر الوالدين واستعلاؤهما، بل علوّهما الحقيقيّ وحقّهما، فلا ثمرة فقهيّة أيضاً لهذا البحث.

وعلى أيّ حال، فهذا بحث في نفسه، وهو: أنّه هل يعتبر العلوّ فقط، أو مع



(1) سورة البقرة، الآية: 245، وسورة الحديد، الآية: 11.