المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

153

فالمولى ليس مُهمِلاً، بل المراد هو الإهمال بلحاظ مرتبة من مراتب الواقع، إلّا أنّه يرد عليه: أنّ المهملة في قوّة الجزئيّة والمقيّدة، فيعود الإشكال، ولا يمكنه قصد الأمر بذات الصلاة؛ لأنّ قصد الأمر بذات الصلاة يتوقّف على انطباق الواجب عليها، والواجب المهمل لا ينطبق على ذات الصلاة، بل ينطبق على المقيّد فحسب.

إلّا أنّ هذا الإشكال لا يرد على مبانينا في بحث الإطلاق والتقييد؛ حيث إنّنا نبني هناك على أنّ المهمل في قوّة المطلق لا المقيّد، وسمّينا ذلك بالإطلاق الذاتيّ، والمهملة إنّما تكون جزئيّة في القضايا التصديقيّة، وأمّا المتصوّر المهمل فهو في قوّة المطلق، وقلنا: إنّ مقدّمات الحكمة دائماً تثبت هذا المهمل الجامع بين المطلق والمقيّد المسمّى باللابشرط المقسميّ، وهذا لا يلزم منه خرق قانون الضمنيّة والارتباط، فإنّ ذلك إنّما يكون لو التزمنا بالإطلاق اللحاظيّ، بأن يقول مثلاً: الواجب هو الركوع سواء سجدت أو لا، فبهذا يرفض دخل القيد، فهذا ينافي الضمنيّة والارتباط. وأمّا الإطلاق الذاتيّ الذي يكفي فيه الإهمال فلا ينافي الضمنيّة.

وقد تحصّل: أنّه يمكن الإتيان بذات الصلاة بلحاظ قصد امتثال الأمر الضمنيّ المتعلّق بذات الصلاة، فالجواب المشهور عن هذا البيان الثالث صحيح.

نعم، أصل هذا البيان لا محصّل له؛ إذ أيّ آية أو رواية وردت تقول: إنّ قصد امتثال الأمر لا يكون إلّا إذا تعلّق به الأمر، بل قصد امتثال الأمر يتمشّى في كلّ شيء لا يتمّ امتثال الأمر إلّا به، ولذا يمكن في المقدّمة قصد امتثال أمر ذي المقدّمة، ومن البديهيّ في المقام أنّ المكلّف لا يمكنه أن يمتثل الأمر المتعلّق بالصلاة بقصد الامتثال بدون أن يأتي بالصلاة، فكلّ هذا الضوضاء زوبعة في فنجان نشأ بتخيّل أنّه لابدّ من فرض تعلّق الأمر بالدقّة بما يؤتى به بقصد امتثال الأمر.