المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

154

الرابع ـ وهو أجود ما اُفيد لإثبات الاستحالة ـ: ما ذكره المحقّق النائينيّ (رحمه الله) من لزوم الدور، لكن لا بلحاظ متعلّق الأمر كما في الوجه الأوّل، بل بلحاظ متعلّق المتعلّق المصطلح عليه عند المحقّق النائينيّ (رحمه الله)بالموضوع. وتوضيح ذلك ببيان مقدّمتين:

المقدّمة الاُولى: أنّ الأحكام الشرعيّة لها متعلّقات وهي الأفعال التي يكون الحكم الشرعيّ مقتضياً لإيجادها، أو الزجر عنها، كالصلاة في «صلِّ»، وشرب الخمر في «لا تشرب الخمر»، ومتعلّق المتعلّقات وهي الأشياء الخارجيّة التي يتعلّق بها المتعلّق الأوّليّ للحكم، كالخمر في «لا تشرب الخمر»، وكالوقت والقبلة في «صلِّ في الوقت، وإلى القبلة» وكالعقد في «يجب الوفاء بالعقد» وغير ذلك، وهذا ما يسمّى بالموضوع. والموضوع يؤخذ دائماً شرطاً للحكم وقيداً فيه، وحيث إنّ الحكم يؤخذ بنحو القضيّة الحقيقيّة، وشرط القضيّة الحقيقيّة يؤخذ مفروض الوجود، فالموضوع دائماً يرجع إلى الشرط المفروض الوجود، فمعنى «يحرم شرب الخمر»: إذا وجد خمر حرم شربه، ومعنى «صلِّ في الوقت، وإلى القبلة»: إذا وجد الوقت والقبلة، صلِّ فيه وإليها، ومعنى «أوفوا بالعقود»: إذا وجد العقد وجب الوفاء به، وهكذا. ونتيجة ذلك: أنّ فعليّة الحكم تابعة لفعليّة الموضوع؛ لأنّ المشروط عدم عند عدم شرطه، والمفروض: أنّ هذه الموضوعات اُخذت شرائط، وفرض وجودها عند الحكم، ففعليّة الحكم تتبع فعليّتها ووجودها خارجاً، فوجود الموضوع سابق رتبة على فعليّة الحكم، هذا بلحاظ عالم الفعليّة.

وأمّا بلحاظ عالم الجعل، فحيث إنّ الحاكم أناط حكمه بفرض هذه الشرائط والموضوعات، قلنا: إنّ هذا وإن لم يكن معناه وجود تلك الموضوعات خارجاً، لكن الحاكم يرى في اُفق هذا الفرض بالنظر الطريقيّ أنّه عين المفروض، فيرى الحكم متأخّراً عن وجود المفروض خارجاً. فهنا سبقان رتبيّان: سبق رتبيّ