المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

159

عدم الأمر، وحينئذ لا يمكنه أن يصلّي بقصد الأمر، إلّا على نحو التشريع الذي هو حرام وقبيح، فإمكان فعل الصلاة بقصد الأمر بوجه معقول لا يرجع إلى التشريع المحرّم والقبيح موقوف على وصول الأمر ولو احتمالاً، ووصول الأمر شيء غير اختياريّ(1) كنفس الأمر، ولا يتكفّله نفس الخطاب، فينطبق عليه نفس القاعدة التي اعترف بها السيّد الاُستاذ، وهي لابديّة أخذه شرطاً للوجوب وقيداً مفروض الوجود؛ لكونه أمراً غير مقدور، وعدم تكفّل الخطاب بوجوده؛ لأنّ من الواضح: أنّ نفس الخطاب المجعول على نحو القضيّة الحقيقيّة لا يكفل وصول الأمر. نعم، لو كان الأمر مجعولاً بنحو القضيّة الخارجيّة الجزئيّة بأن يتوجّه المولى إلى شخص بعينه (وكان جيّد السمع)، فقال له: «صلِّ بقصد الأمر»، كان المولى متكفّلاً بإيجاد الأمر وإيصاله، فلا حاجة إلى أخذ قيد الوصول في الموضوع، أمّا حينما لا يكون الأمر كذلك كما في خطاباتنا الشرعيّة، فلابدّ من أخذ قيد الوصول في الموضوع، فيرجع قوله: «صلِّ بقصد الأمر» إلى قوله: «إذا وصل إليك الأمر، فصلِّ بقصد الأمر».

وعندئذ نضمّ إلى ذلك ما تنقّح في بحث القطع: من أنّه يستحيل أخذ وصول الحكم في موضوع شخص ذلك الحكم كما يستحيل أخذ نفس الحكم في موضوع شخصه، واستحالة أخذ وصول الحكم في موضوع شخص ذلك الحكم مسلّمة عند القائل بامتناع الأمر بالصلاة بقصد الأمر والقائل بجوازه، فيقال مثلاً: إنّه لو اُخذ وصول الحكم في موضوعه لزم التهافت؛ لأنّ الحكم بمقتضى كونه مقيّداً بوصول نفسه متأخّر رتبة عن وصول نفسه، وبما أنّ الوصول وصول له، وانكشاف له، وهو



(1) ولو في بعض الصور، كمن يعيش بعيداً عن الأجواء الدينيّة، ولا يمكنه الاقتراب والتسبّب إلى وصول الأمر إليه.