المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

16

دلالة الأمر على الوجوب وملاكها

الجهة الثالثة: أنّ كلمة الأمر بعد أن ثبت أنّها بمعنى الطلب يقع الكلام في أنّها هل تدلّ على جامع الطلب، أو خصوص الطلب الوجوبيّ.

والكلام هنا يقع في مقامين:

الأوّل: في أصل دلالة كلمة الأمر على الوجوب.

والثاني: بعد الفراغ عن أصل دلالته في أنّه ما هو ملاك هذه الدلالة ونكتتها؟

أصل دلالة الأمر على الوجوب

أمّا المقام الأوّل: فقد حاول بعض الاُصوليّين أن يستدلّ على ذلك بجملة من الآيات والروايات من قبيل قوله تعالى: (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ)(1)، وما كان من قبيله من الروايات بتقريب: أنّ عنوان الأمر اُخذ موضوعاً للتحذّر، ومن الواضح: أنّ ما هو موضوع التحذّر إنّما هو الأمر الوجوبيّ دون الاستحبابيّ، فلو كان الأمر معناه مطلق الطلب ولو كان استحبابيّاً، لما كان يقع بإطلاقه موضوعاً للتحذّر.

ويرد عليه: أنّ الأمر ـ في الحقيقة ـ دائر بين التخصيص والتخصّص، وإنّما يتمّ الاستدلال بهذه الآية وما كان من قبيلها من الروايات بناءً على تعيّن التخصّص، بأن يقال: لابدّ من افتراض كون خروج الأمر الاستحبابيّ منها تخصّصاً لا تخصيصاً، بينما لا سبيل إلى إثبات ذلك. أمّا بناءً على مبنى عدم جريان أصالة عدم التخصيص عند الدوران بين التخصيص والتخصّص كما هو مبنى صاحب



(1) سورة النور، الآية: 63.