المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الثاني

161

وبكلمة اُخرى: إنّ للآمر رؤيتين:

إحداهما: أنّه يرى أنّ الأمر يعرض على عنوان قصد الأمر، وهذه رؤية مطابقة للواقع.

والثانية: أنّه يرى أنّ عنوان قصد الأمر هو عين المعنون، أي: هو واقع قصد الأمر.

والنتيجة المتحصّلة من مجموع الرؤيتين: أنّه يرى أنّ الأمر يعرض على المعنون وعلى واقع قصد الأمر، وهذه الرؤية وإن كانت غير مطابقة للواقع؛ لأنّها حصيلة مجموع رؤيتين كانت ثانيتهما غير مطابقة للواقع، لكن الآمر ـ على أيّ حال ـ إنّما يأمر بهذه النظرة غير المطابقة للواقع، أي: يأمر بالنظرة التي يرى بها واقع قصد الأمر شيئاً مفروغاً عنه ومتقدّماً على الأمر؛ لكي يطرأ الأمر عليه، مع أنّه لا يعقل أن يراه كذلك؛ لأنّه متقوّم في هويّته بالأمر، فكيف يُرى مفروغاً عنه ومتقدّماً على الأمر، ويعرض عليه الأمر؟! هذا.

وقد ذكر المحقّق العراقيّ (رحمه الله) في مقام التعليق على هذا الوجه: أنّ هذا الإشكال هو الإشكال الوارد في موارد عديدة من قبيل حجّيّة الخبر مع الواسطة، حيث يقال مثلاً: إنّ دليل جعل الحجّيّة هو الذي جعل خبر الناقل للحكم من الإمام حجّة، وهذه الحجّيّة أثر شرعيّ يجعل بدوره موضوعاً لحجّيّة خبر الناقل عن هذا الناقل، ودليل جعل الحجّيّة يرى موضوع الحجّيّة وهو الأثر مفروغاً عنه، فلا يمكن أن يشمل الأثر الذي يتولّد منه. والجواب عن هذا الإشكال في كلّ الموارد واحد، وهو: أنّه يثبت بالدليل حكمان طوليّان، فدليل الحجّيّة يدلّ على الحكم بالحجّيّة الثابتة على خبر الناقل بلا واسطة، وفي طول هذا الحكم يدلّ على الحكم بالحجّيّة الثابتة على خبر الناقل عن ذلك الناقل، وموضوع الحكم الثاني ثبت بالحكم الأوّل لا بنفس حكمه، فلا إشكال. وكذا الكلام فيما نحن فيه، فالأمر يثبت أوّلاً على